تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة الرابعة والأربعون
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
المتشابهات في الآية (49) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
المتشابهات في قوله تعالى
(وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ۚ وَفِى ذَ ٰلِكُم بَلَآءٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيم)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الآية التي نحن بصددها وردت ثلاث مرات في القرآن الكريم. قوله تعالى:
(وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)
(الآية 49- سورة البقرة)
(وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)
(الآية 141- سورة الأعراف)
(إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)
(الآية 6- سورة ابراهيم)
2
في سورة "البقرة" قال تعالى (نَجَّيْنَاكُم) وفي سورة "الأعراف" قال تعالى (أَنجَيْنَاكُم) وفي سورة "ابراهيم" قال تعالى (أَنجَاكُم)
في سورة "البقرة" قال تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) وفي سورة "الأعراف" قال تعالى (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ)
في سورة البقرة قال تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) وفي سورة "ابراهيم" قال تعالى (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) فزاد تعالى "واو" قبل قوله (َيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أولا: في سورة "البقرة" قال تعالى (نَجَّيْنَاكُم) وفي سورة "الأعراف" قال تعالى (أَنجَيْنَاكُم) وفي سورة "ابراهيم" قال تعالى (أَنجَاكُم)
كلمة (نَجَّيْنَاكُم) أو "أنجي" تكون وقت نزول العذاب
وكلمة (أَنجَيْنَاكُم) أو "أنجي" يمنع عنها العذاب
فكأن فضل الله تعالى عليهم في أمرين، الأمر الأول أن خلصهم من عذاب واقع بهم، والأمر الثاني أن ابعد عنهم هذا العذاب نهائيًا
مثل رجل مسجون: فالمرحلة الأولى أن يخرج من السجن، والمرحلة الثانية أن يحمي من أن يدخل السجن مرة أخري
كلمة (أَنجَاكُم) في سورة "ابراهيم" الكلام على لسان "موسى" -عليه السلام- فرد "موسى" -عليه السلام- الفضل في النجاة إلى الله، فقال (إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
في سورة "البقرة" قال تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) وفي سورة "الأعراف" قال تعالى (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ)
وقد جاء الفعل في (يُذَبِّحُونَ) و(يُقَتِّلُونَ) مشددًا للدلالة على كثرة من ذبح وكثرة من قتل من الأطفال، وقد قلنا أنه قيل أن فرعون قتل تسعون الف طفل
و"الذبح" يكون بقطع شرايين الرقبة، بينما "القتل" يكون بأي وسيلة أخري
وهذا يشير الى أن فرعون وجنوده كانوا يقتلون الأطفال بكل وسيلة، وكانت أكثر الوسائل استخدامًا هي "الذبح" حتى يتأكدوا من موت الطفل، لأن القتل بأي وسيلة أخري، كالضرب بالسيف مثلًا يمكن أن ينجوا
وذكر الله تعالى (يُقَتِّلُونَ) في سورة "الأعراف" حتى يناسب ما قبله وهو قول الله تعالى (قال سنقتل أبناءهم)
وهذا يدل على أن الجبن الشديد من صفة الظالم، فهم من جبنهم يقتلون الأطفال الرضع، وليس قتلًا عاديًا، ولكن قتل بالذبح حتى يتأكدوا من موته
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
في سورة البقرة قال تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) وفي سورة "ابراهيم" قال تعالى (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) فزاد تعالى "واو" قبل قوله (َيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ)
لأن في سورة البقرة المتكلم هو الله، وعندما يمتن الله تعالى على عباده فانه يمتن بقمم النعم، وليس بالنعم الصغيرة
فعندما يمتن ملك أو حاكم أو رب أسرة بالنعمة فانه يذكر قمم النعم ولا يذكر النعم البسيطة، فهو لا يقول أكتك مرة لحم أو سمك، وأحضرت لك بذلة ولكن يقول علمتك تعاليم كذا، سفرتك بعثة
ففي الآية الأولى المتكلم هو الله، ولذلك يمتن على بنى اسرائيل بقمم النعم وهي النجاة من سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ وهي تذبيح الأبناء واستحياء النساء
ولكن في سورة ابراهيم المتكلم هو موسى إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ)
فحين يتحدث موسى فانه يتكلم عن جميع النعم، وليس فقط قمم النعم، فأول النعم هي النجاة من سوء العذاب، وسوء العذاب هنا ليس ذبح الأبناء واستحياء النساء، ولكنه أمور اخري كثيرة، مثل التسخير في الزراعة والصناعة وخدمة البيوت والأعمال الشاقة، والأعمال المهينة، وفرض الجزية، ثم بعد ذلك تحدث عن نعمة النجاة من ذبح الأبناء واستحياء النساء
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|