Untitled Document

عدد المشاهدات : 2992

الحلقة (93) من تدبر القُرْآن العَظِيم تدبر الآيتين (151) و (152) من سورة البقرة كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة الثالثة والتسعون
تدبر الآيتين (151) و (152) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ)
يقول الله تعالى في الآية السابقة (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ بأن جعلت لكم قبلة خاصة بكم، وهي الكعبة المشرفة قبلة أبيكم ابراهيم
ثم يستكمل الله تعالى حديثه الى المؤمنين فيقول لهم (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ) أي ومن تمام نعمتى عليكم، أن أرسلت اليكم رَسُولًا مِنْكُمْ، أي واحدًا منكم تعرفونه 
فتعرفون أولًا نسبه، تعرفون أنه (محُمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ حتى عَدْنَانَ حتى اسماعيل –عليه السلام) 
وتعرفونه منذ كان طفلًا ثم صبيًا ثم شابًا ثم رجلًا، وتعرفونه في رضاه وغضبه، وفي معاملاته وتجارته، وفي كل أحواله
ولذلك في خطبة "جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" للنَّجَاشِيُّ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ 
ولذلك كان أول من آمن بالرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هم أقرب الناس اليه: زوجته السيدة "خديجة" وبناته "زينب ورقية وأم كلثوم" وأقرب أصدقائه "أبي بكر الصديق" ومن يعيشون في بيته "على بن أبي طالب" و"زيد بن حارثة" وكل هؤلاء آمنوا به قبل أن يأتي ليهم بمعجزة أو يقرأ عليهم قرآنا، وقد قلنا ونحن نتحدث عن "أسرار السيرة الشريفة" أن سرعة ايمان أقرب الناس للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أول دليل على صدق نبوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكذب كذبة واحدة طوال حياته، وكانوا بقلبونه بالصادق الأمين، فلما أخبرهم أنه رسول صدقوه على الفور، فما كان بترك الكذب على الناس، ويكذب على الله تعالى  
 ليس هذا فحسب بل تعرفون أنه أمي لا يعرف القراءة والكتابة، فلم يقرأ كتابًا واحدًا طوال حياته، وتعرفون انه ليس خطيبًا ولا شاعرًا ولم يقل بيتًا واحدًا من الشعر طوال حياته، ومع ذلك جائكم بكتاب تحدي به كل العرب –وهم أهل الفصاحة والبيان- أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة واحدة من مثله
اذن فمعرفتهم بالرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت هي خميرة الإيمان به قبل أن يأتي بالحجة، فالإيمان به -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  سهل ميسور لكل ذي قلب سليم
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا) أي يتلو عليكم آيات القرآن العظيم، وقد جاء ذلك في معرض انعام الله تعالى علينا لنعلم أن هذا القرآن العظيم من أعظم نعم الله علينا، أن لم تكن أعظمها على الإطلاق
(وَيُزَكِّيكُمْ) التزكية معناها التطهير والتنمية، والمعنى هنا هو التطهير، وطالما تطهير فقد كان هناك دنس 
فالمعنى أي ويطهركم من الكفر والشرك، ومن أفعال الجاهلية، ومن الأخلاق الذميمة، وَيُخَلِّقُهَا بِالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَقَدْ زَكَّاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاقْتِدَائِهِمْ بِأَخْلَاقِهِ الْعَظِيمَةِ. وانظر كيف كانت أخلاق العرب قبل بعثة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعد بعثته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَدْ كَانُوا يَئِدُونَ بَنَاتِهُمْ - يَدْفِنُونَهُنَّ حَيَّاتٍ - وَيَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ نِهَايَةُ الْقَسْوَةِ وَالشُّحِّ، وَكَانُوا يَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَهْوَنِ سَبَبٍ، وكانوا يشَنِّون الْغَارَاتِ وَينَهْبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فتتحول المرأة الحرة الى أمة في لحظة واحدة، ويتحول الرجل والصبى الى عبد في لحظة واحدة، وَكَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّسَفُّلِ أنواع من الزواج، مثل زواج الاستبضاع، يعنى تتزوج المرأة من رجل آخر بموافقة زوجها، ولا يمسسها زوجها حتى تحمل من هذا الرجل، وذلك رغبة في صفات هذا الرجل الآخر مثل الشجاعة والقوة والحكمة
ونكاح الرهط، وهو أن يتزوج مجموعة من الرجال امراة واحدة، فاذا حملت ووضعت مولودًا تختار أبًا له من بين هؤلاء الرجال، وتسمي مولودها باسمه
وكان الرجل يمنع زوجة أبيه من الزواج بعد وفاة أبيه حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) وهو القرآن الكريم ومن فيه من حلال وحرام، وهناك فرق بين قوله تعالى (يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا) وقوله تعالى (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) لأن (يَتْلُو) تعنى القراءة، أما التعليم فهو نقل المعرفة 
(وَالْحِكْمَةَ) هي كل ماتحدث به ونطق به الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وكل ما صدر عنه من أفعال، بل كل ما سكت عنه وأقره الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
اذن فالحكمة هي سنة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولذلك قال تعالى في سورة الأحزاب (واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة)
(وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) أي ويعلم الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصحابة كل شيء من أحكام الدين والدنيا
ولذلك قال أحد الصحابة: علمنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كل شيء حتى قضاء الحاجة
ونجد الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينهي أن يكون أحدهم نصفه في الظل ونصفه في الشمس، وينهي أن يمشى أحدهم في نعل واحد، ويعلم الصحابة كيف الاغتسال وكيف الطعام وكيف اشراب وكيف المشي وكيف الجلوس
وهكذا قوله تعالى (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) أي ويعلم الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصحابة كل شيء من أحكام الدين والدنيا، وهكذا كان العرب أمة أمية، ثم أصبحوا بعد ذلك أعظم حضارة في التاريخ كله، بل هم أساس الحضارة الموجودة في العالم كله الآن
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الآية تشيه الآية (129) من سورة البقرة
يقول تعالى في الآية (129) (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)
ولكن ليس هناك تكرار في الآيات، لأن الآية (129) من سورة البقرة، هي دعوة ابراهيم –عليه السلام- أن يبعث في العرب رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ
وفي الآية التى نتحدث عنها اليوم، وهي الآية (151) من سورة البقرة (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)) هي استجابة لدعوة ابراهيم 
ولكن نجد خلاف بين الآيتين:
ففي دعوة ابراهيم طلب التزكية بعد الدعاء بعلم الكتاب والحكمة (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) 
وحين استجابة الله تعالى لدعاء ابراهيم جائت التزكية قبل علم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ فقال تعالى (وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)
كأن ابراهيم قدم علم الكتاب على التزكية، لأنه لا يقدم على كتاب شيء
فأجاب تعالى أن تزكية النفوس قبل علم الكتاب والسنة، فلو لم تطهر النفس ما انتفعت بكتاب ولا بسنة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)
يقول تعالى كل هذه النعم التى أنعم الله تعالى بها عليكم لا تنسوها أبدًا، ولذلك قال تعالى بعدها (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)
والمعنى أن من يذكر الله تعالى سواء بتسبيح أو تهليل أو تحميد أو تكبير أو استغفار أو قراءة قرآن أو غير ذلك ، فان الله تعالى يذكره
يَقُولُ تَعَالَى في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في صحيحه:
(أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ)
قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا منه وقالوا. كيف تعلم ذلك? فقال: إذا ذكرته ذكرني.
ومعنى قوله تعالى (ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ) أي في حضرة الملائكة المقربين
لذلك يقول الشيخ عبد العزيز الطريفي: "‏الشهرة الحقيقية في السماء، ومن أعظم أسبابها كثرة ذكر الله تعالى
والذكر ليست منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والصلاة على الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقراءة القرآن العظيم ونحو ذلك، ولكن كل طاعة لله تعالى فهي ذكر، كما يقول الإمام النووي وغيره
فالذي يبر أمه وأبيه وأمه فهو في ذكر
والذي يصل رحمه فهو في ذكر
والذي يقضى حاجة أخيه فهو في ذكر
والطالب الذي يذاكر دروسه مخلصا النية يبتغي بذلك وجه الله فهو في ذكر
العامل والموظف الذي يعمل لينفق على بيته في ذكر
المرأة في رعايتها لبيتها وزوجها وأولادها في ذكر
فلذلك المعنى الواسع الصحيح لقوله تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) يعنى اذكروني أيها المؤمنون بطاعتى أذكركم بثوابي وبرحمتى ومغفرتي  
يقول "سعيد بن جبير": اذكروني في النعمة والرخاء، أذكركم في الشدة والبلاء
وقيل: اذكروني بالدعاء أذكركم بالإجابة .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول الشعراوي –رحمه الله- في معرض تفسيره لهذه الآية الكريمة، عن أحد الصالحين أن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أن يشرب الماء على ثلاثة جرعات، وأن يقول في أول كل جرعة "بسم الله" وبعد الانتهاء يقول "الحمد لله"
يقول اذا فعلت ذلك "فمادام هذه الماء في جوفك فلن تحدثك ذرة من جسدك بمعصية الله" .
لماذا ؟ لأنك استقبلت النعمة بذكر المنعم، وأنهيت النعمة بحمد الله
مادام هذه الماء في جوفك فلن تحدثك ذرة من جسدك بمعصية الله
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول "ابن السماك" رحمه الله وكان من علماء العصر العباسي
كنت مارًا في الكوفة فدخلت مسجدًا أصلى العصر، وبعد الصلاة وجدت رجلًا يعظ الناس، وكانت عليه علامات الهيبة والوقار، فقلت اجلس واستمع، يقول فكان مما قال:
"من كان مع الله تارة وتارة، كل الله معه تارة وتارة، ومن أعرض عن الله، أعرض الله عنه، ومن أقبل على الله بكليته، أقبل الله بكامل رحمته عليه"
يقول فأدهشنى كلامه، ووقع في قلبي، وقلت لأفوزن بأعلاها، فأقبلت على ربي بكليتى، فاقبل ربي على بواسع رحمته وعطائه
فأدهشنى كلامه، ووقع في قلبي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 (وَاشْكُرُوا لِي)
الشكر يكون بثلاث: شكر باللسان، وشكر بالقلب، وشكر بالجوارح، فأما الشكر باللسان فقولك "الحمد لله رب العالمين" وأما شكر القلب فأن يمتلأ قلبك بالرضا عن المُنْعِم، وأما شكر الجوارح فأن تستخدم نعمة الله عليك في طاعته، ولا تستخدمها في معصيته، فان حققت هذه الثلاث فأبشر بالزيادة، يقول تعالى ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا تَكْفُرُونِ) 
ليس المقصود هنا الكفر بالله، ولكن المقصود هو كفر النعمة التى تقابل شكر النعمة 
وكفر النعمة يكون –كذلك- باللسان والقلب والجوارح، فأما اللسان فأن تتحدث بالسخط على قدر الله، وأما القلب بأن يكون في قلبك سخط على الله، وأما الجوارح فأن تستخدم نعمة الله عليك في معصيته، فكأنك حاربت الله –عز وجل- بعمه التى أنعم بها عليك، فان حدث فانتظر زوال النعمة، قال تعالى عن قرية في تاريخ الامم (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)