تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة الخامسة بعد المائة
تدبر الآيتين (178) و (179) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) طالما أن الأمر متعلق بالتشريع فلابد أن يكون النداء بيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا، لأنك طالما آمنت بالله فقد ارتضيت حكم الله، فكأن الإيمان بالله تعالى هو حيثية التشريع
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) أي فرض عليكم الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام }؛ أي فرض عليكم الصيام
أصل الكتابة من "الكَتْب" وهو أن تصل قطعة من الجلد بقطعة جلد آخر عن طرق الخياطة، ثم استخدمت للحروف تصلها ببعضها، فسميت بالكتابة
وسمي الفرض بالكتاب؛ لأن الكتابة تثَبِّت الشيء، وتوثقه؛ قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الْقِصَاصُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: يُفِيدُ المماثلة والْمُسَاوَاةَ، ومقابلة الفعل بمثله
ومنه جاء قص الأثر، لأن الذي يقص الأثر يسير في نفس مسار من يقص أثره، ومنه "القصة" لأن الذي يقص القصة يذكر ما حدث من أحداث، ومن المقص لأن جانبيه مثل بعضهما
وفي البنوك الآن "غرفة المُقاصَّةً" والتى تقوم بتسوية مستحقات عملاء البنوك بين بعضها البعض
والقصاص بمعناه الشرعي هو العقوبة بالمثل من قتل أو جرح، فهو يشمل القتل، وما دون القتل، ولكن في هذه الآية يتحدث الله تعالى عن القصاص في القتل فقط، فقال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) أما في سورة المائدة فتحدث تعالى عن القصاص في القتل وغيره فقال تعالى (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)
والمقصود هنا القتل العمد وليس القتل الخطأ، لأن في حالة القتل الخطأ لا يقتل القاتل، وانما يدفع الدية، ولكن المقصود في هذه الآية هو القتل العمد، فيقول تعالى
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى)
وظاهر الآية أن الْحُرُّ لا يقتل الا بالحُرِّ، وَالْعَبْدُ لا يقتل الا بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى لا تقتل الا بِالْأُنْثَى، فلو قتل حر عبد لا يقتل به، ولو قتل عبد حر لا يقتل به، ولو قتلت أنثى رجل لا يقتل بها ... وهكذا
هذا هو ظاهر الآية، ولكن حتى نفهم الآية لا بد أن نعرف سبب نزولها
وسبب نزول الآبة أنه كان شائعاً في الجاهلية أن القبيلة القوية كانت إذا قتلت منها القبيلة الضعيفة واحدًا لا ترضى حتى تقتل في مقابله من القبيلة الضعيفة اثنين أو أكثر، وإذا قتل منها عبداً تقتل في مقابله حراً، وإذا قتل منها أنثى قتلت في نظيرها رجلا، واذا كانت هناك جروح يضاعفون في الجروح،
وربما يقولون في مقابل الواحد اثنين أو ثلاثة أو حتى عشرة، حتى عندنا في الصعيد الآن، حتى تعرف أننا ما زال عندنا بقايا من الجاهلية، اذا مات واحد يقولون لا نرضى أن نقتل القاتل، بل نقتل أكبر رأس في العائلة
ولا شك أنه كان قد ترتب على ذلك في الجزيرة العربية ماترتب من اشاعة الأحقاد والكراهية في النفوس، وانتشار القتل بين القبائل، لدرجة أن قبائل كاملة كادت أن تفنى بسبب كثرة القتل بينها وبين قبائل أخري، وقد حكى لنا التاريخ كثيراً مما فعله الجاهليون في هذا الشأن، وقد حدث ذلك بين الأوس والخزرج، وحدث بين بنى قريظة وبنى النضير، وغير ذلك في كثير من القبائل .
فأنزل الله هذه الآية ليبطل ذَلِكَ الِامْتِيَازِ الَّذِي لِلْأَقْوِيَاءِ عَلَى الضُّعَفَاءِ، ويخبر أن القصاص يكون من القاتل نفسه، ولا يتجاوز القتل الى غيره
اذن فمعنى قوله تعالى (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى)
يعنى القصاص يكون منه القاتل نفسه، ولا يتجاوز القتل الى غيره
كان شائعاً في الجاهلية أن القبيلة القوية كانت إذا قتلت منها القبيلة الضعيفة واحدًا لا ترضى حتى تقتل في مقابله من القبيلة الضعيفة اثنين أو أكثر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم بعد أن أورد الله تعالى القصاص العادل، أورد تعالى حكمًا يفتح باب التراضى بين القاتل وأولياء المقتول ، بأن أباح لهم أن يسقطوا عنه القصاص إذا شاؤوا ويأخذوا في مقابل ذلك الدية ، فقال - تعالى - (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فاتباع بالمعروف وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)
ونفرض أنه يريد العفو بالكامل، ولا يريد الدية، فله ذلك، اذن ولى القتيل له ثلاثة أمور: القصاص، أو العفو وأخذ الدية، أو العفو دون أخذ الدية
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من هم أولياء القتيل ؟
وكيف يكون القصاص ؟
وما مقدار الدية ؟
أولياء القتيل: هم ورثة القتيل
والقصاص بالآلة التي حدث بها القتل، وعند الحنفية يكون القصاص بالسيف، ولكن عند الجمهور القصاص بنفس الطريقة التى تم بها القتل
القصاص يكون بالآلة التي حدث بها القتل
أما الدية فهو مائة من الإبل: ثلاثون منها أكملت ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة، وثلاثون أكملت أربع سنين ودخلت في الخامسة، وأربعون حامل
ولذلك يختلف مقدار الدية من دولة الى أخري لاختلاف أسعار الإبل من دولة الى أخري
في اليمن 5 مليون و500 ألف ريال يمنى أي ما يعادل 21500 $
في الكويت 10000 دينار كويتى أي ما يعادل حوالى 33000 $
في الإمارات 200000 ردهم اماراتي أي 54000 $
في السعودية 400000 ريال سعودي أي 106000 $
دار الإفتاء المصرية قالت أن نحسب الدية بألف دينار ذهب أيسر، أي 4 كيلو جرام وربع من الذهب، يعنى حوالى 2 مليون و 600 ألف جنيه مصري أي أكثر من 150000 $
الدية مائة من الإبل
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فاتباع بالمعروف وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)
هنا عبر تعالى عَنِ العلاقة بين القاتل وأولياء القتيل بِلَفْظِ الْأَخِ فقال (مِنْ أَخِيهِ) لأنه أخوه في الإسلام، وأخوه في الإنسانية، وذلك حتى يرقق قلوب أولياء القتيل على القاتل، وحتى يُحَرِّكُ فيهم عَاطِفَةَ الرَّحْمَةِ وَالْحَنَانِ، ان لم تكن به، فالحنان على أبناءه أو أبيه أو أمه
ولذلك يحدث أحيانًا في الدول التى تطبق أحكام الشريعة الاسلامية، مثل المملكة العربية السعودية، في آخر لحظة قبل أن ينزل السيف على رقبة القاتل، تجد ولى القتيل يصيح: لقد عفوت عنه لوجه الله تعالى
وهنا نجد عبقرية التشريع في الإسلام، والتى تحل مشكلة الأخذ بالثأر والتى كانت مسيطرة على الجزيرة العربية
فالله تعالى أعطي لولى الدم الحق في أن يقتل أو أن يعفو، فان اختار القتل فلن تكون في قلوب أهل القاتل الذي اقتص منه ضغينة أو حقد، لأنه قتل في مقابل قتل، والذي قتله هو ولى الأمر أو الحكومة، وبذلك تنتهي مسئلة الثأر بين أهل القتيل وأهل القاتل
واذا عفا سواء بأخذ الدية أو بدون أخذ الدية، فكأن أولياء القتيل منحوا الحياة للقاتل، وأصبحت حياة القاتل ثمرة من ثمرات احسان أولياء القتيل، وبذلك تستل أي كراهية أو بغضاء في قلوب الفريقين، بل وتتحول الكراهية الى ود
ولذلك فالثارات الموجود الآن والتى لا تنتهي أو تتوقف، لأننا لم نمكن ولى الدم من القاتل، فاذا مكن ولى الدم من القاتل سينتهي الأمر
الثارات الموجود الآن لأننا لم نمكن ولى الدم من القاتل
كما يحدث عندنا في الصعيد عندما يذهب القاتل الى ولى الدم، ويدخل عليه بيته وهو يحمل كفته على يديه، كأنه يمكن نفسه منه، ولم يحدث في تاريخ الصعيد كله الا أن عفا أولياء القتيل
لم يحدث في تاريخ الصعيد كله الا أن عفا أولياء القتيل
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ)
العفو وهو الإِسقاط، والعفو عن المعصية، ترك العقاب عليها
قوله تعالى (شَيْءٌ) المعنى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ من العفو، يعنى نال القاتل شَيْءٌ من العفو
يعنى لو كان للمقتول عدد من الأولياء، وطالبوا جميعًا بالقصاص، وعفا واحد، يؤخذ برأي الواحد، وهو العفو عن القاتل
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) هذا أمر لمن يأخذ الدية، أن يأخذ الدية التى قررها الشرع، ولا يطلب أكثر منها ويغالى في طلب
في المملكة السعودية الحبيبة، هناك ظاهرة تحدث عنها العلماء في السعودية كثيرًا، وهي ظاهرة المبالغة في الديات، فقد قلنا أن الدية الشرعية في المملكة بالنسبة للقتل العمد 400 ألف ريال أي 106000 $ فيطلب أولياء القتيل دية بعشرات الملايين من الريالات، فيطلبون 20 مليون وثلاثون مليون وخمسون مليون
وهذا ترتب عليها أضرار في المجتمع، من هذه الأضرار أن بعض أولياء القتيل يرفض الإشتراك في دفع هذه الضخمة، ويترتب على ذلك قطيعة رحم، من ذلك مثلًا أنه يترتب على ذلك جمع التبرعات بمبالغ كبيرة عن طريق الجمعيات الخيرية، أو إقامة مخيمات لجمع التبرعات، أو اعلانات في وسائل الإعلام، وعبارة (نناشد أهل الخير المساعدة في إنقاذ رقبة فلان بن فلان من حد القصاص) وتتجمع الأموال، مع أن هذه الأموال الضخمة من التبرعات الأولى من أولياء القتيل الفقراء والمساكين
اذن المبالغة في الديات ترتب عليه آثار سلبية خطيرة في المجتمع، ولذلك عالج القرآن العظيم هذه المشكلة بعبارة واحدة، فقال تعالى (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)
المبالغة في الديات ترتب عليه آثار سلبية خطيرة في المجتمع
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) توجيه للقاتل أن يدفع الدية لولى القتيل بِإِحْسَانٍ، والإحسان هو أن تؤدي ما كتبه الله عليك، وتزيد على ما كتبه الله عليك ما جنس ما فرضه عليك، كأن الله تعالى يوجه القاتل الى أن يزيد في الدية تطيبًا لقلوب أولياء القتيل
وأيضًا من الإحسان ألا يماطل في الأداء، لأن بعض أموال الدية تكون بالتقسيط، فيؤديها في وقتها
ولأن أولياء القتيل أحسنوا الى القاتل حين عفو عنه وقبلوا الدية، فالواجب أن يقابل أولياء القتيل هذا الإحسان بالإحسان في الأداء
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)
أي أن موضوع الدية هو تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ
لأن القصاص لمن يكن مشروعًا في الأمم السابقة، فكان في التوراة اما القصاص أو العفو، وأهل الإنجيل أمرو بالعفو فجعل الله تعالى لهذه الأمة تخفيفًا منه ورحمة، ثلاثة أمور: القصاص، أو العفو، أو الدية
فالقصاص هو الأصل، وقد ترتقي عَاطِفَةُ الرَّحْمَةِ في قلوب أولياء القتيل فيعفون عن القاتل، وقد يري أولياء القتيل أن أخذ الدية أنفع لهم
وقد تكون هناك ظروف معينة يكون العفو أفضل، فلو قتلت امرأة زوجها مثلًا لظروف معينة، فاذا قتلت به المرأة ضاع الأولاد، فقد يري أولياء الرجل أن العفو أنفع لهم، وهكذا ....
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ أي بعد أخذ الدية فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فكان أهل الجاهلية يأخذ أحدهم الدية ثم يقتل القاتل
وكان يحدث أن القاتل بعد أن يقتل يفر الى قومه ويمتنع بهم، فيلجأ أولياء القتيل الى حيلة، فيأتون الى قومه ويصالحون عنه بالدية، فيخرج القاتل الفار وقد أمن على نفسه، فيقتلونه، ثم يعيدون اليه الدية
وكل ذلك قد نهي الله تعالى عنه فقال (فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي عذاب موجع يوم القيامة
وأيضًا عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدنيا لأن من قتل بعد أنْ يأخذ الدية سيقتل، ولا يجوز أن نقول أنه قد اقتص من القاتل، لأن هذه لولى الأمر فقط لا لغيره، والا سيكون الأمر فوضى
ولذلك ذهب بعض العلماء الى أن هذا القاتل يقتل حتى وَإِنْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
)وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)
هذه الآية تَعْلِيلٌ لِشَرْعِيَّةِ الْقِصَاصِ وَبَيَانٌ لِحِكْمَتِهِ، فقال تعالى )وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)
لأن من يعرف أنه سيقتل اذا قتل سيرتدع وسيمتنع عن القتل، فالقصاص حياة لمن كان سيقتله
بل وحياة لمن كان يريد أن يقتل، لأنه لو قتل فان أولياء القتيل سيثأرون لقتيلهم ويقتلونه
وهو أيضًا حياة لأنه –كما ذكرنا- كانوا يقتلون بالواحد الإثنين والعشرة، بل أحيانًا يسرفون في قتل الرجال ختى تضعف القبيلة ولا يقدرون على الأخذ بالثأر، وكان يترتب على كل ذلك دائرة جهنمية من الإنتقام والأخذ بالثأر، حتى أن قبائل كاملة –كما ذكرنا- كادت أن تفنى من كثرة القتل بينها وبين بعضها البعض
وأيضًا قوله تعالى )وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) أي حَيَاةٌ مستقرة، لأن الحياة لا تستقيم الا بالقصاص
تجد مثلًا فتاة خطبت لشاب، ثم وجدت الفتاة أن هذا الشاب مدمن مخدرات وسيء الخلق وبلا عمل، ففسخت الخطبة، فاغتاظ منها فجاء بماء نار وألقاه على وجهها، فكانت النتيجة أن تشوه وجهها وفقدت بصرها وخضعت لعشرات العمليات الجراحية، بينما هذا الشاب سجن عشر سنوات، ولو علم هذا الشاب أن العقاب سيكون قصاصًا بأن يلقى على وجهه ماء نار، لاستحال أن يجروء على ارتكاب هذه الجريمة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم قال تعالى (يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) يعنى يا أصحاب العقول، لأن "الْأَلْبَابِ" جمع لُبُّ وهو العقل
ولب الشيء هو خلاصته، كما نقول: أدخل في لب الموضوع
فاطلق على العقل لب لشرفه
كأن الذي يرفض القصاص عنده ضعف في عقله
الذي يقول أن قتل القاتل قسوة، عنده ضعف في العقل
وهناك الآن 104 دولة في العالم ألغت عقوبة الإعدام، وهناك عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى تعمل من أجل الغاء عقوبة الإعدام
والآية الكريمة تقول أن كل هؤلاء يعانون من ضعف في عقولهم
ولذلك يجب علينا كمسلمين أن تكون هناك منظمات تدعو للتمسك بهذا العقوبة، بل وتدعو الى تنفيذ هذه العقوبة في دولهم، كما أنهم يدعون الى الغائها في بلادنا
يقول الإمام محمد عبده: القصاص هُوَ أَصْلُ الْعَدْلِ
*********************************
لمطالعة بقية الفصول- اضغط هنا
لمشاهدة الحلقات فيديو- اضغط هنا
*********************************
|