Untitled Document

عدد المشاهدات : 3550

الحلقة العشرون بعد المائة من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (203) من سورة البقرة، قول الله تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَ

  تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة العشرون بعد المائة
تدبر الآية (203) من سورة البقرة
********
 وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٢٠٣﴾
********
يقول تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) وفي سورة الحج يقول تعالى (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات) 
اذن هناك (أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) في هذه الآية من سورة البقرة، وهناك (أيام معلومات) في سورة الحج، فما الفرق بينهما ؟
أما الأيام المعلومات، فهي أيام الحج الستة، وهي يوم التروية – اليوم الثامن من ذي الحجة- ويوم عرفة –اليوم التاسع من ذي الحجة- يوم النحر –اليوم العاشر من ذي الحجة، ثم ثلاثة أيام التشريق، وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة
وأطلق الله تعالى على هذه الأيام "أيام معلومات" لأنها أيام معلومة ومعروفة منذ ابراهيم  .
أما الأيَّامٍ المَّعْدُودَاتٍ في هذه الآية، فهي أيام التشريق، وهي –كما ذكرنا- أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة
وأطلق عليها أيام مَّعْدُودَاتٍ، لأنها أيام قليلة، ثلاثة أيام 
اذن الأيام المعلومات، وهي أيام الحج الستة، تشمل الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق، وهذه كلها أيام عظيمة فاضلة، وقد أمر الله تعالى الحجاج في هذه الآية الكريمة، بكثرة ذكر الله تعالى في هذه الأيام، فقال تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)  
وعلينا أن نقتدي بالحجاج في هذا الأمر، فنكثر من ذكر الله تعالى في هذه الأيام سواء بالتكبير وسائر أنواع الذكر  
********
يقول تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)
هنا يتحدث الله تعالى عن أعمال الحج في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وهي التى يطلق عليها –كما ذكرنا- أيام التشريق
وكلمة تشريق من شروق الشمس، لأن في اليوم العاشر –كما قلنا- يكون الذبح، فيكون اللحم كثيرًا، وأكثر من حاجة الانسان، ولذلك يلجئون الآن الى تجميد اللحم، ثم توزيعه داخل المملكة وخارجها
أما قديمًا فلم يكن هناك تبريد، ولذلك كانوا يلجئون الى طريقة لحفظ اللحم، وهي تجفيف اللحم، أو تقديد اللحم، وكان ذلك بأن توضع اللحم على الصخور في اتجاه شروق الشمس، ومنها جائت التشريق 
 

كانوا يلجئون قديمًا الى وضع اللحم في اتجاه شروق الشمس 
********
قلنا أن الآية تتحدث عن أعمال الحج أيام التشريق، وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة 
فما هي أعمال هذه الأيام في الحج:
في اليوم الثامن من ذي الحجة، هو يوم التروية، وفيه يبيت الحجاج في منى
ثم اليوم التاسع من ذي الحجة، وهي يوم الوقوف بعرفة
ثم اليوم العاشر -يوم الحج الأكبر- فيه أكثر أعمال الحج، وهي: رمي جمرة العقبة، وذبح الهدي، والحلق أو التقصير، وطواف الافاضة، والسعي بين الصفا والمروة
بعد ذلك يذهب الحاج للمبيت في منى، وهي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة
وفي يوم الحادي عشر من ذي الحجة، وهو أول أيام التشريق، تجمع إحدى وعشرين حصاة من أي مكان من منى.
تقوم أولًا برمي الجمرة الصغري سبع حصيات، وتكبر مع كل حصاة، بعد أن تنتهي تستقبل القبلة وتدعو دعاءًا طويلًا 
ثم ترمي الجمرة الوسطي بسبع حصوات، وتكبر مع كل حصاة، ثم تستقبل القبلة وتدعو دعاءًا طويلًا
ثم ترمي الجمرة الكبري ولا تدعو بعدها
وتبيت في منى هذا اليوم
********
اليوم الثاني عشر من ذي الحجة -ثاني أيام التشريق- تفعل كما فعلت في اليوم الحادي عشر
ثم تبيت في منى كذلك
********
اليوم الثالث عشر -وهو ثالث أيام التشريق- تفعل نفس الشيء، ولكن لا تبيت في منى وانما تنصرف قبل غروب الشمس
********
هذه هي أعمال الحج في أيام التشريق، وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة
فقول الله تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) يعنى أن نملأ هذه الأيام بالذكر والدعاء وسائر أنواع العبادات
فنحن نكبر بعد كل صلاة، ونكبر بعد رمي الجمرات، وهناك تكبير مطلق في جميع الأوقات، وهناك الدعاء بعد رمي الجمرة الصغري والوسطي
ولأن أهل الجاهلية كانوا –كما تحدثنا في الآية السابقة- يشغلون هذه الآيام بالتفاخر بآبائهم، ويقولون أن الحج انتهي يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، فأخبر الله تعالى أن الحج لم ينتهي في يوم النحر، وأمر الحجاج بأن يكثروا من ذكر الله تعالى في هذه الأيام المباركة
 

 

المبيت في منى أيام التشريق
********
ثم يقول تعالى (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) يعنى يجوز الاكتفاء بيومين فقط، وهما اليوم الحادي عشر والثاني عشر، فترمي الجمرات في اليوم الحادي عشر، وتبيت ليلة الثاني عشر، ثم ترمي الجمار في اليوم الثاني عشر، ولا تبيت ليلة الثالث عشر وانما تنصرف الى مكة، وهذا يطلق عليه "المتعجل" وهذا جائز بدليل قوله تعالي (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) 
أما الذي يبيت ليلة الثالث عشر، ثم يرمي الجمرات يوم الثالث عشر، وينصرف بعد ذلك، فهذا يطلق عليه "المتأخر" وهذا هو الأفضل، لأنه زيادة في العبادة، ولأنه فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-
 

********
ولكن الملفت للنظر أنه تعالى قال (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) لمن تعجل، وقال كذلك (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) لمن تأخر 
والذي تعجل مفهوم أن نقول لَا إِثْمَ عَلَيْهِ، يعنى لا حرج عليه، ولكن من تأخر لماذا يقول تعالى (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) وقد استوفي تمام المناسك ؟
والسبب أن أهل الجاهلية كانوا في هذا الأمر على رأيين: رأي يقول أن من تعجل آثمًا، ورأي آخر جعل من تأخر آثمًا، فنفي الله تعالى الإثم عن الفريقين، فمن شاء تعجل ومن شاء تأخر
وعندما حج النبي –صلى الله عليه وسلم- وقال "خذوا عنى مناسككم" تأخر الرسول –صلى الله عليه وسلم- ليبين أن التأخر أفضل من التعجل، لأنه زيادة في العبادة، ولكن من تعجل فلا حرج عليه وحجه صحيح 
********
ثم قال تعالى (لِمَنِ اتقى) يعنى ليس الفضل في الأساس الى الزمن أو عدد الأيام، ولكن الفضل في استحضار القلب في العبادة، فقد تمكث في منى ثلاثة أيام وأنت لا تذكر الله، أو تذكر الله تعالى بدون حضور قلب، وقد تمكث يومين وأنت تذكر الله ومستحضر القلب، فيكون ذلك أفضل من المكوث ثلاثة أيام 
فقد يكون الحاج يريد أن يظل في منى ثلاثة ايام ليقتدي بالرسول –صلى الله عليه وسلم- ولكن الظروف تمنعه من ذلك، كأن تكون شركة السياحة ستغادر، فنقول له تظل في "منى" يومين وتكون متعجلُا ولا اثم عليك في هذا الأمر، كما قال الله تعالى، ولكن المهم، أن تحسن العبادة وتحسن ذكر الله في الأيام، فاذا فعلت فقد سبقت المتأخر الذي ظل في منى ثلاثة أيام دون أن يذكر الله، أو يذكر الله بقلب لاهِ 
 

********
 (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)
ما أكثر ما يأمر الله سبحانه وتعالى بالتقوى في كتابه العزيز؛ لأن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله عزّ وجلّ بفعل أوامره، واجتناب نواهيه
(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) كأنه تعالى جاء بحيثية الأمر بتقوي الله تعالى، كأنه تعالى يقول أنتم تتقون الله تعالى بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، لأنكم ستحشرون اليه يوم القيامة، فيحاسبكم على أفعالكم، ويثيب الطائع ويعاقب العاصى
وكلمة الحشر، كلمة جامعة لكل ما يقع منذ الخروج من القبور حتى انتهاء الموقف
وقد جاء سبحانه وتعالى بكلمة) تُحْشَرُونَ) لتتناسب زحمة الحج؛ لأنه كما حشركم هذا الحشر وأنتم لكم اختيار، هو سبحانه القادر أن يحشركم وليس لكم اختيار.
اذا كان قد حشركم وأنتم لكم اختيار، أليس قادرًا على ان يحشركم وقد سلب منكم الإختيار ؟
خبرعن وفاة امام في صلاةالتراويح، بعد أن قرأ قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)