Untitled Document

عدد المشاهدات : 2197

الحلقة (172) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (282) من سورة البقرة، قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة الأولى
تدبر الآية (282) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الآية الكريمة أطول آية في كتاب الله
وأقصر آية في كتاب الله قوله تعالى (ثُمَّ نَظَرَ) في سورة المدثر، الآية 21، فهي ستة أحرف
وكون آية الدين هي أطول آية في القرآن العظيم، دليل على أهمية هذه المعاملة، وهي المداينة، لأن أغلب المعاملات التجارية قائمة على الدين، فاذا ضبطت هذه المعاملة، انتظم دولاب الحياة الاقتصادية
كذلك كون آية الدين هي أطول آية في القرآن، دليل على الدين الإسلامي كما يعتني بالعبادات، فإنه يعتني كذلك بالمعاملات.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) طالما بدأ الله تعالى الآية بقوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا، اذن هناك تكليف.
ولذلك أغلب الآيات التى تبدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) تكون آيات مدنية، لأن التكليفات كانت للمؤمنين في المدينة بعد الهجرة.
بينما الآيات التى تبدأ بقوله تعالى) يَاأَيُّهَا النَّاسُ) أو) يَابَنِي آدَمَ) تكون آيات مكية، لأن الخطاب يتناول أمور العقيدة لكل الناس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) يعنى اذا تعاملت بالدين، فاكتبوا هذا الدين.
وهذا التشريع يرفع به الله تعالى الحرج بين المتعاملين.
لأن كثير من الدائنين، وخاصة اذا كان على علاقة قوية مع المدين، أو له معاملة طويلة مع المدين، يتحرج أن يطلب كتابة الدين، فاذا نزل تشريع يقول أنه يجب علينا كتابة الدين، فانه يرفع عنه هذا الحرج.
.
قال أحد العلماء لتلامذته  هَلْ تَعْلَمُونَ مَظْلُومًا دَعَا رَبَّهُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ ؟ . قالوا: كيف ؟ قَالَ: رَجُلٌ بَاعَ بَيْعًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلَمْ يَكْتُبْ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَلَمَّا حَلَّ مَالُهُ جَحَدَهُ صَاحِبُهُ، فَدَعَا رَبَّهُ ، فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ عَصَى رَبَّهُ . 
.
وقوله تعالى (إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي إِلَى أجل معين، دليل على ان الدين الى غير وقت محدد غير جائز، واذا كتب هذا العقد فهو عقد فاسد
.
وجمهور العلماء على أن الأمر في قوله تعالى (فَاكْتُبُوهُ) للندب، لأن الله - تعالى - قال بعد ذلك (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ(
وقال بعض العلماء: إن الأمر هنا للوجوب ، اي أن من لم يفعل ذلك كان آثماً، لأن الأصل في الأمر أنه للوجوب  .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) يعنى الذي يتولى كتابة الدين، ليس هو الدائن، ولا المدين، وانما شخص ثالث، لأن الدائن له مصلحة، والمدين له مصلحة، فيتولى كتابة الدين شخص ثالث ليس له مصلحة في العقد.
ثم شرط الله تعالى أن يكون هذا الكاتب (كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) 
يعنى ينبغي على هذا الكاتب أن يلتزم العدل والحق مع الدائن والمدين في كتابته
ولذلك قال الإمام "محمد عبده" أن كاتب العقد بمنزلة القاضى
ولذلك قال تعالى (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ) يعنى هذا الكاتب على مسافة واحدة بين الدائن والمدين، ليس منحازًا لا الى هذا ولا الى ذاك.
ويشترط في الكاتب أن يكون عنده علم بشروط العقود، ومصطلحاتها القانونية، وما يكون من الشروط موافقاً لشريعة الإِسلام وما يكون منها غير موافق.
(وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 (وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ) 
أي: لا يجب أن يمتنع من يستطيع الكتابة عن الكتابة متى دعى إليها.
لأن القرآن نزل في أمة أمية، فعدد الذين يستطيعون الكتابة قليل.
أما الآن فعدد الذين يستطيعون الكتابة كثير، ولكن العقود أصبحت معقدة، والثغرات القانونية فيها كثيرة، فعدد الذين يجيدون كتابة العقود أيضًا قليل.
ولذلك نهي الله تعالى من عنده هذا العلم أن يمتنع عن الكتابة، حتى لا تتعطل مصالح الناس
وفي هذا نهي على من عنده اي علم فيه مصلحة الناس، أن يمتنع عن افادة الناس بعلمه.
(كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ) يعنى هذا العلم الذي عندك ليس ذاتيًا، وانما هو من عطاء الله تعالى لك، فأدي شكر هذا العطاء، بأن تنفع به الناس.
كما يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم) فأنت تنفق من عطاء الله لك
أو أن قوله تعالى (كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ) يعنى أن تكون كتابته موافقة لأحكام الشريعة.
أصبحت العقود الآن معقدة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا)
(يُمْلِلِ) يعنى يملى من الإملاء، والإملاء هو أن يلقي على الكاتب ما يكتبه. 
والمعنى أن الذي يملى الصيغة على الكاتب، المدين وليس الدائن، وذلك لسببين:
الأول: أن المدين في الغالب في موقف الضعيف، فأعطاه الله - تعالى - حق الإِملاء على الكاتب حتى لا يغبن من الدائن، فربما وقت الإملاء يقلل الدائن في مدة السداد، فيخجل المدين أو يؤخذ بسيف الحاجة.
الثاني: حتى يكون املاؤه اقرارًا منه على نفسه بالدين الذي يجب عليه الوفاء به.
وفي نفس الوقت شرط الله تعالى على المدين الذي يملى على الكاتب أن يتقي الله، فقال تعالى (وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا) يعنى يراقب الله تعالى في املائه، لأن الإنسان عرضة للطمع، فلا ينقص من الدين الذي عليه، أو من شروطه شيئاً.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم بين الله تعالى الحكم اذا كان المدين لا يستطيع الإملاء، فيقول تعالى:
(فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) وهو المدين 
(سَفِيهًا) السفيه هو الذي لا يحسن التصرف في المال. 
(أَوْ ضَعِيفًا) أو كان صبيًا أو شيخًا هرمًا كبيرًا.
(أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) بأن يكون أخرس أو ألكن أو غير ذلك من الموانع.
(فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) فيتولى الإملاء  في هذا الحالة ولى أمر المدين أو القيمّ أو الوصيّ.
(بِالْعَدْلِ) يعنى يكون الاملاء بِالْعَدْلِ، فلا يجور على أحد لحساب الآخر
الكاتب العمومي أو العرضحالجي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) الشهيد هو من حضر الشيء وشهده.
يأمر الله تعالى بأن يشهد على هذا العقد شاهدين من الرجال، حتى يعطي هذا العقد توثيقًا وتثبيتًا.
وقوله تعالى (شَهِيدَيْنِ) صيغة مبالغة من الشهادة، فلم يقل "شاهدان" كأن هذا الذي يطلب للشهادة  تكررت منه هذه الشهادة، وأصبح معروفًا بالعدل والحفظ
وهذا الأمر للندب أو الوجوب على خلاف في ذلك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)
فَإِنْ لم يتيسر للشهادة رجلان فليشهد رجل وامرأتان 
(فَرَجُلٌ) يعنى ذكر بالغ، (وَامْرَأَتَانِ) يعنى أنثيان بالغتان؛ لأن الرجل والمرأة إنما يطلقان على البالغ.
(مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) يعنى هؤلاء الشهداء مرضيين عندكم، وتثقون فيهم وفي عدالتهم. 
ثم بين - سبحانه - العلة في أن المرأتين تقومان مقام الرجل في الشهادة فقال: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) يعنى: خشية أن تنسى إِحْدَاهُمَا فتذكر كل واحدة منهما الأخرى.
والسبب أن الأصل أن المرأة قليلة الاشتغال بالمعاملات المالية، ولذلك يكون فهمها فيه أقل من الرجل، أو ذاكرتها فيها اضعف من الرجل، ولذلك علل الله تعالى أن يكون بدل الرجل (امْرَأَتَين) فقال تعالى (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا) يعنى: خشية أن تنسى إِحْدَاهُمَا (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)
ومن البلاغة أن الله تعالى لم يقل (فتذكرها الآخرى) لأنه لو قال (فتذكرها الآخرى) يعنى واحدة ناسية والأخري تذكرها، ولكن حين يقول (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) يعنى هذه نسيت شيء، والأخري نسيت شيء، فهذه تذكر هذه بما نسيت؛ وهذه تذكر هذه بما نسيت
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) 
كما أمر الله تعال الكُتَّاب في أول الآية بعدم الامتناع عن الكتابة، أمر الشهود أيضاً بعدم الامتناع عن الشهادة فقال تعالى  (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) أي : ولا يمتنع الشهود عن تحمل الشهادة اذا طلبت منه الشهادة، ولا يمتنعوا أن أداءها  متى دعوا إليها.
(وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 (وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ) 
(وَلَا تَسْأَمُوا) يعنى وَلَا تملوا
(أَنْ تَكْتُبُوهُ) لَا تملوا من كتابة الدين سواء كان الدين صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا 
لأن صغر الدين أو كبره أمر نسبي، فالدين الواحد قد يكون بالنسبة للغنى صغير، وبالنسبة للفقير كبير.
وهذا ايضًا يرفع الحرج عن الدائن، لأن ربما تحرج أن يكتب الدين الصغير، ويتهم بالشح أو الحرص، فاذا أمر الله تعالى أن يكتب الدين الصغير والكبير على السواء، فانه يرفع عنه ذلك الحرج.
(إِلَى أَجَلِهِ) يعنى يجب أن تتضمن الكتابة أجل الدين، وليس فقط مبلغ الدين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا)
يذكر الله تعالى ثلاث فوائد تعود علينا اذا التزمنا بهذا التشريع اللإهي من الكتابة والإشهاد، فقال تعالى (ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) 
(ذَلِكُمْ) يعنى هذا النظام (أَقْسَطُ) يعنى أعدل (عِنْدَ اللَّهِ) في حكم الله وفي علم الله تعالى.
(وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ) (أَقْوَمُ) ضد الاعوجاج، والعنى افضل لأقامة الشهادة على وجهها، لأن الكتابة تذكر الشهود، فتكون شهادتهم مع الكتابة أدق، من اعتمادهم على ذاكرتهم
 (وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا) وأقرب إلى عدم الشك في جنس الدين أوقدره أوأجله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا)
ثم اباح الله تعالى عدم الكتابة في التجارة الحاضرة التى تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ، ومعنى(تِجَارَةً حَاضِرَةً) يعنى المبيع والثمن كلاهما حاضر (تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) يعنى لا يتأخر فيها الأداء الا زمنًا يسيرًا (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) ولكن يطلب منكم في هذه الحالة أن يكون هناك شهود على هذه المبايعة حسمًا للنزاع. 
 

(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ)
الكاتب والشهيد شخصان لكل منهما عمله وحياته ومصالحه، فاذا عُلِّم بأنه هذا الكاتب أوالشهيد معروف بالعدل والعلم بالعقود، فانه سيتم طلبه دائمًا من اصحاب المصلحة في المداينة، وبذلك تتعطل حياة الكاتب أو الشهيد وتتعطل مصالحه.
ويريد الله تعالى أن يحقق المصلحة للجميع، لا مصلحة جماعة على حساب جماعة، ولذلك نهي أن يقع الضرر بالكاتب أو الشهيد بكثرة استدعاءه، ثم قال
(وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) يعنى وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ فِي هذه الاية من أحكام، فَإِنَّهُ إِثْمٌ وَمَعْصِيَةٌ.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
وقلنا من قبل أن كلمة (وَاتَّقُوا) من الوقاية، فقوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعنى اجعلوا بينكم وبين غضب الله وبين عذابه وبين صفات جلاله وقاية.
(وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) وهذا تذكير بنعمة الله علينا حين علمنا هذه المعاملات
 لماذا لأن (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو