Untitled Document

عدد المشاهدات : 1358

الحلقة (296) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تدبر الآية (94) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَ

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة السادسة والتسعون بعد المائتين (296) (ص 93)
تدبر الآية (94) من سورة "النِسَاء"

❇        

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) 
❇        

روي في سبب نزول هذه الآية أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل سَرِيَّةً- عَلَيْهَا "أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ" فلقوا رجلًا معه أغنام اسمه "مِرْدَاسَ" فلما رآهم قال:"‏السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ‏"‏‏ فطعنه أُسَامَة برمحه فقتله وساق غَنَمَهُ وقدم المدينة، فلما علم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غضب غضبًا شديدًا وقال لأسامة: قتلته وَهُوَ يَقُولُ لا إله إِلَّا اللَّه ؟ فقَالَ أسامة: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تحت حرِّ السيف أراد أن يحرز نفسه وغنمه ؟ فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أفلا شققت عن قلبه فتنظر صدق أم لا؟ 
فَقَالَ أسامة: استغفر لي يا رسول الله.
قَالَ: فكيف لك بلا إله إِلَّا اللَّه (ثلاث مرات) 
ثم أمر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسامة أن يعتق رقبة، وأرسل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ديته الى أهله، ورد عليهم أغنامه.
وندم "أسامة بن زيد" على ذلك ندمًا شديدًا، فلما نشبت أحداث الفتنة بين "على بن ابي طالب" وبين "معاوية" التزم "أسامة بن زيد" الحياد، بالرغم من حبه الشديد لسيدنا على، وبرغم أنه يري أن الحق معه، وقال له: ما أحد أعز علي منك يا أمير المؤمنين، وَلَكِن لا أقاتل مسلما بعد قول النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:- كيف لك بلا إله إِلَّا اللَّه ؟ 

❇        

وروى المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة روايات أخري متعددة، وكلها متقاربة في المعنى قال القرطبي في تفسيره: ولعل هذه الأحداث جرت في أزمنة متقاربة فنزلت الآية فيها جميعًا .
❇        

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الضرب في الأرض يعنى السير في الأرض لتجارة او غزو أو غير ذلك، وسميت بذلك لأن الذي يسير فانه يضرب الأرض برجليه، والمراد هناك الخروج للجهاد في سبيل الله.
(فَتَبَيَّنُوا) فتأنّوا وتأكدوا ولا تتعجلوا
تأكد أنه ليس مسلمًا، وتأكد أنه محاربًا لك.

❇        

(وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا)
يعنى اذا أظهر أحد لكم اسلامه، بأن القي إِلَيْكُمُ تحية الاسلام فقال "السَّلَامَ عليكم" أو نطق بكلمة الشهادة، فلا تتهمون من يفعل ذلك بعدم الايمان، وأنه يقول ذلك خوفًا منكم.

❇        

(تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) 
الابتغاء هو الطلب الشديد
والعرض هو الشيء الزائل الذي لا يدوم، كما نقول: هذا أمر عارض، أو إجازة عارضة.
والمعنى أنتم تطلبون طلبًا شديدًا أمرًا زائلًا لا يدوم، وهو هذه الغنائم، وهي من متاع الدنيا.
فهذه العبارة يقصد بها توبيخهم، كأن من يفعل ذلك فهو لا يقصد بجهاده وجه الله تعالى، وانما يطلب الدنيا واحراز الغنائم.

❇        

(فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ)
يعنى الله –سبحانه وتعالى- عنده الكثير من الرزق الحلال، وهو خير لكم من المال المشكوك فيه.
ولذلك كان فضيلة الشيخ الشعراوي –رحمه الله- يقول أنه يتمنى أن تعلق هذه الجملة على الجدران حتى يراها الناس دائمًا، فيبتعدوا عن أي رزق مشكوك فيه. 

❇        

(كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ)
يعنى كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ وأنتم في مكة تخفون ايمانكم 
(فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) بأن أظهر الاسلام وأصبح لكم دولة.
وهذه العبارة فيها تربية عظيمة، وهي اذا رأيت أحدًا على معصية فلا تبالغ في مؤاخذته على معصيته، وقل لنفسك  (كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) يعنى أنت كنت ترتكب هذه المعصية من قبل، ثم من الله عليك بالهداية.
في أحيان كثيرة نجد الرجل الملتزم يهاجم الشباب الغير ملتزمون، مع أنه كان مثلهم من قبل حتى من الله عليه بالهداية، ونجد امرأة محجبة تهاجم بشراسة الغير محجبة مع انها لم تكن محجبة من قبل

❇        

(فَتَبَيَّنُوا)
أعاد الله الأمرَ فقال (فتبَيّنوا) تأكيداً لـــ (تبينّوا) المذكورِ قبْله.
وهذا فيه مبالغة في التحذير 
ولذلك روي أن "عمر بن الخطاب" رضى الله عنه أرسل الى قادة جيوشه أن من يقتل من يستسلم فأنه سيقتله به.
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
يقول سعيد بن جبير هذا تهديد ووعيد.


 
❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇