Untitled Document

عدد المشاهدات : 573

الحلقة (398) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآية (75) من سورة "الأَنْعَام" الجزء الثاني- (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ...

الحلقة (398)
تدبر الآية (75) من سورة "الأَنْعَام" (ص 137)

       

(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) 
       

نتوقف أمام كلمة (مَلَكُوتَ) مَلَكُوتَ صيغة مبالغة من الملك، فكانت العرب تزيد الواو التاء للمبالغة في الصفة، مثل "رحموت" صيغة مبالغة من الرحمة، ومثل: الجَبَرُوت والرَغَبُوت والرّهَبُوت.
فهناك "ملك" وهو العالم المشاهد الظاهر، وهو يشمل كل ما نشاهده في هذا الكون، وهناك "مَلَكُوتَ" وهو العالم الغير مشاهد، من الملائكة والعرش وغير ذلك.
نحن نقول في لغتنا الدارجة "أنت في ملكوت تاني" يعنى انفصلت عن هذا العالم وذهبت الى عالم آخر.
وأطلق "مَلَكُوتَ" بصيغة المبالغة على العالم الغير مشاهد، لأنه أعظم بكثير من العالم المشاهد.

       

(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) 
وقد روي أن إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- فرجت له السماوات فنظر الى ما في السماوات حتى انتهي بصره الى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر الى ما فيهن، ونظر الى معاصي العباد فجعل يدعو عليهم، فقال الله تعالى له: إنك لا تستطيع هذا، فرده الله كما كان قبل ذلك.

       

وروي أن إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- لما أري ملكوت السماوات والأرض، رأي رجل على فاحشة فدعا عليه فخسف به الأرض، ثم رأي رجل آخر على فاحشة فدعا عليه فخسف به الأرض، ثم رأي ثالث فلما أراد أن يدعو عليه قال له الله تعالى: على رسلك يا ابراهيم فإنك عبد يستجاب لك، فلا تدع على عبادي، فإنهم مني على ثلاث: إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه ذرية طيبة تملأ الأرض بالتسبيح، وإما أن يتولى فجهنم من ورائه.


       

يقول تعالى (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
اليقين هو العلم الذي لا يقبل الشك.
واليقين ثلاثة مراحل: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين.
المرحلة الأولي: علم اليقين هو ما يخبرك به من تثق بخبره، وجميعنا في هذه المرحلة "مرحلة علم اليقين" فنحن نؤمن بموجود الملائكة لأن الرسول ﷺ أخبرنا بوجود هذا المخلوق النوراني، ونحن نثق في خبر الرسول ﷺ وهذا يطلق عليه علم اليقين.
ثم هناك مرحلة عين اليقين، وهو أن تري بعينيك ما أخبرت به.
ثم المرحلة الأخيرة وهي مرحلة حق اليقين وهو أن تباشر ما أخبرت به، يعنى تلمس ما أخبرت عنه.

       

مثال: شخص تثق به وقال لك أنه سافر الى أحد دول جنوب شرق آسيا، وقال لك أن هناك فاكهة اسمها فاكهة "الكرمبولا" وهذه الفاكهة لونها اصفر وطعمها جميل وتشبه النجمة، فهذا اسمه "عِلْمَ الْيَقِينِ" لأنه اخبار من شخص تثق به، فاذا قال لك انتظر قليلًا ودخل واحضر لك ثمرة من هذه الفاكهة ورأيتها فهذا يطلق عليه "عَيْنَ الْيَقِينِ" فاذا ذقتها فهذا "حق اليقين"
       

في سورة التكاثر يقول تعالى (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)
فذكرت السورة: "عِلْمَ الْيَقِينِ" و "عَيْنَ الْيَقِينِ"
وفي سورة القمر ذكرت حَقُّ الْيَقِينِ فقال تعالى ( وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) لأنه قد دخل الجحيم بالفعل.

       

فقوله تعالى (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
يعنى أُريَ ابراهيم ملكوت السماوات والأرض، حتى يترقى في يقينه من علم اليقين الى عين اليقين والى حق اليقين.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇