Untitled Document

عدد المشاهدات : 740

الحلقة (405) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات من (95) الى (99) من سورة "الأَنْعَام" (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى...

الحلقة (405)
تدبر الآيات من (95) الى (99) من سورة "الأَنْعَام" (ص 140)

❇        

(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) 


❇        

(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)
قلنا من قبل أن المقصد الأساسي لسورة الأنعام هو تثبيت العقيدة الاسلامية، وفي هذه الآيات الكريمة يذكر الله تعالى بعض آياته الكونية لينبه المشركين الى خطأ ما هم فيه من عبادة الأصنام التى لم تخلق شيئًا ولا تنفع ولا تضر.

❇        

يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) 
ما الفرق بين الْحَبِّ وَالنَّوَى ؟
الْحَبِّ: ثمرة كاملة، تؤكل كما هي، مثل حبوب الذرة والقمح والأرز والعدس والفول.
أما النَّوَى، فهي ما نطلق عليه البذور، فهي لا تؤكل ولكن يؤكل ما حولها، مثل نوي البلح والخوخ والمشمش والمانجو، والعنب.
وهذا التفريق بين الْحَبِّ وَالنَّوَى سبق به القرآن العظيم التقسمات الحديثة للنبات.
قوله تعالى
(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) 
يعنى أن الله تعالى يشق بقدرته الْحَبِّ وَالنَّوَى ويخرج منهما نباتات كاملة.

❇        

وعملية فلق او شق الْحَبِّ وَالنَّوَى عملية تتجلي فيها قدرة الله تعالى، فحين تضع حبة فول مثلًا أو نواة بلح في الأرض، وبقليل من الرطوبة تجد ان الفلقتين تنشق ويخرج ما نطلق عليه "الجذير" وهذا يعنى أن الفلقتين مدخر فيها مواد غذائية كاملة تقوم بتغذية الجدير حتى ينبت هذا الجذير ويتمكن من الأرض ويثبت ثم يأخذ بعد ذلك غذائه من الأرض.
وهذا الجذير برغم هشاشته وضعفه فانه يخترق الأرض الصلبة، ثم تتحور الفلقتين إلى ورقتين خضراوين، تصعد على وجه الأرض، حتى تري الشمس وتقوم –بعد ذلك- بعملية التمثيل الغذائي، وبذلك تصبح هذه الحبة الصغيرة نبات كامل ينتج مئات الأطنان من الثمار، وآلاف من البذور.

❇        

ومن قدرة الله تعالى أنك لا تستطيع أن تنتفع بثمرة الا إذا كانت الثمرة قادرة على انتاج مثلها، يعنى لا تستطيع أن تأكل ثمرة الا إذا نضجت "استوت"، ومعنى أنها استوت يعنى البذور التي بداخلها يمكن أن تنبت شجرة جديدة.
ولولا هذا لما كانت هناك نباتات ولا حياة على هذا الكوكب، يعنى البطيخة قبل أن تنضج تكون بذورها بيضاء ولا تصلح للزراعة، فلو كانت صالحة للأكل قبل أن تكتمل البذور لأختفي نبات البطيخ، وهكذا كل النباتات.

❇        

يقول تعالى (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) 
وهذه لها صور كثيرة: فالنبات الْحَيَّ يَخْرِجُ مِنَ الْحَبِّ وَالنَّوَى المَيِّتِ، وَيَخْرِجُ الْحَبِّ وَالنَّوَى الْمَيِّتِ مِنَ النبات الْحَيِّ.
والإنسان وسائر الحيوانات الحية تخرج من النطفة الميتة، والنطفة الميِّتة تخرج من الانسان ومن الحيوان.
البيضة الميِّتة تخرج من الدجاجة الحية، والدجاجة الحية تخرج من البيضة الميِّتة اذا كانت ملقحة.
اذن قوله تعالى (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) لها صور كثيرة جدًا، ولذلك يقول ابن عباس: أن كل ميت يخرجه الله من جسم حي، وكل حي يخرجه الله من الميت.

❇        

ثم يقول تعالى (ذَلِكُمُ اللَّهُ) هذه هي قدرة الله سيحانه وتعالى. و(ذَلِكُمُ) تأتي للتعظيم.
(فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (َأَنَّى) تأتي للتعجب، كما في قوله زكريا (يا مريم أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا) أو قول عزير (أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) فقوله تعالى (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يعنى كيف تصرفون عن عبادة هذا الإله القادر ؟!

❇        

)فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)
)فَالِقُ الْإِصْبَاحِ) يعنى الذي –بقدرته- يأتي بنور الصباح.
 والتعبير بفَالِقُ الْإِصْبَاحِ لأن نور الصبح يشق ظلام الليل.
ولأن النور يأتي رويدًا رويدًا ولا يأتي فجأة، كما ا، ظلمة الليل تأتي بالتدريج، وهذا من لطفه تعالى ورحمته بعباده

(وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا) يعنى جَعَلَ الظلمة في اللَّيْلَ حتى تسكن الخلائق وترتاح أجسادها.
قال بعضهم: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا لأهل العبادة في الليل، قال بعض السلف "ان لله عبادًا يحنُّون إلى غروب الشمس كما يحنُّ الطائر إلى وكْره عند الغروب"


 

 

 

 

(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا) يعنى وَجَعَلَ تعالي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ نحسب بهما الأيام والشهور والسنين.
و(
حُسْبَانًا) تدل على المبالغة على وزن فُعْلًان.
لو لم يكن هناك شمس وقمر لما كنا قد عرفنا الأيام من الشهور من السنوات.

وفي سورة الرحمن قال تعالى (الشمس والقمر بحسبان) يعنى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ خلقا بحساب دقيق.
كما لو كانت هناك ساعة دقيقة جدًا، فهذه الساعة لن تعطيك حسابًا دقيقًا الا اذا كانت قد صنعت بحساب دقيق.
وكذلك الشمس والقمر خلقتا بحساب دقيق (الشمس والقمر بحسبان) حتى تعطينا حسابًا دقيقًا (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا)


❇        

(ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) 
الْعَزِيزِ هو القوي الذي لا يغلبه أحد ولا يستطيع أحد أن يرد أمره.
فالله تعالى هو الذي بعزته سخر كل هذه المخلوقات وقهرها، ولولا عزته لما سخرت هذه المخلوقات لمراده تعالى، وهو –تعالى- الذي بعلمه خلق كل هذه المخلوقات.

❇        

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) 
يعنى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لفوائد منها أنكم تعرفون بها طريقكم اذا سافرتم برًا أو بحرًا. 
ولذلك كانت العرب تستعين في أسافرها بالأدلة، وهؤلاء يكون عنهم علم بمواقع النجوم، ويستدلون على طرقهم عن طريق معرفتهم بمواقع النجوم.
كان أحد العلماء يستقل سفينة فسأل ربان السفينة، كيف تعرف طريقك في هذا البحر، فقال له الربان عندي أجهزة وكذا وكذا، قال له: ألا يمكن أن تتعطل هذه الأجهزة ؟ قال: يمكن، قال فما تفعل اذا تعطلت الأجهزة ؟ قال: أرجع للأصل وأهتدي بالنجوم 


❇        

فاذا قال أحدهم أن حركة الشمس يمكن أن يستدل بها في معرفة الشرق والغرب والشمال والجنوب، نقول أن العرب في أسفارهم –في أغلب شهور السنة- كانوا يسيرون ليلًا ويكمنون نهارًا، وذلك هربًا من حرارة الشمس العالية جدًا خلال النهار. 
في آيات أخري ذكر تعالى أنه خلق لنا النجوم لتكون رجوما للشياطين وذكر انها زينة للسماء وفي هذه الآية ذكر تعالى أنه خلق لنا النجوم لنعرف طريقنا في أسفارنا سواء في البر أو البحر، أما من يدعي أنه يستخدم النجوم في معرفة الغيب، وهو ما يطلق عليه "التنجيم" فهذا كفر بالله تعالى، والاستماع لهؤلاء المنجمين حتى ولو عن طريق التسلية من الكبار والعياذ بالله.

❇        

(قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) 
(فَصَّلْنَا) يعنى بينا ووضحنا.
(الْآَيَاتِ) يعنى هذه الآيات الكونية.
(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يعنى أصحاب العلم هم الذين يستفيدون من هذه الآيات.

❇        

 (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) 
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) يعنى وهو تعالى الَّذِي بدأ خلقكم 
(مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) وهو آدم -عَلَيْهِ السَّلامُ- وهذا من قدرته تعالى، أن كل هذه الأعداد التى لا يحصها العد من انسان واحد.
عدد سكان العالم الآن 7.5 مليار نسمة، أما جميع أعداد البشر منذ بدء الخليقة حتى الآن فيقدره العلماء بحوالي 108 مليار نسمة، وكل هذه الأعداد والأعداد التى ستكون حتى قيام الساعة مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وهو آدم -عَلَيْهِ السَّلامُ- وهذا من قدرته الله تعالى.
وقال تعالى
(مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) يعنى آدم -عَلَيْهِ السَّلامُ- ولم يقل من آدم وحواء لأن حواء خلقت من ضلع آدم
أيضًا قوله تعالى
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) فيه اشارة علمية لم يتوصل اليها العلم الا حديثًا، وهي أن جنس الجنين لا يتميز داخل رحم الأم الا بعد الشهر الثالث، فاذا كان ذكر يظهر عضو الذكورة بالجنين بسبب إفراز هورمون الذكورة، واذا كان أنثي يظل على نفس هيئته، وقبل ذلك تكون هيئة كل من الذكر والأنثى هيئة واحدة، وهو ما أشار اليه قول الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)

❇        

(فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) 
كلمة (مُسْتَوْدَعٌ) هو المكان الذي تحفظ فيه الأشياء والبضائع
قال المفسرون: (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) (مُسْتَقَرٌّ) في أصلاب الرجال (وَمُسْتَوْدَعٌ) في أرحام الأمهات، أو العكس.
وقال البعض يعنى مُسْتَقَرٌّ على وجه الأرض وَمُسْتَوْدَعٌ في القبور.
أو مستقر في القبر ومستودع الى يوم القيامة


❇        

(قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ)
(فَصَّلْنَا) يعنى بينا ووضحنا. 
والفقه هو الفهم، فقوله تعالى
(لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) يعنى يفهمون.
فالمعنى: قد بينا ووضحنا الدلائل الدالة على توحيد الله تعالى لِقَوْمٍ يفهمون عن الله تعالى آياته ودلائله الدالة على توحيده. 

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)
(السَّمَاءِ) هو كل ما علاك.
فقوله تعالى
(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً)  
يعنى وَهُوَ تعالى الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السحاب مطرًا.
(فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) 
(فَأَخْرَجْنَا بِهِ) يعنى أَخْرَجْنَا بِهِذا الماء وهو واحد.
(نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) 
يعنى جميع أصناف النباتات المختلفة التى يتغذى عليه كُلِّ شَيْءٍ، يعنى كل مخلوق.
كما قال تعالى في سورة الرعد (تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) 


(فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا) (خَضِرًا) يعنى أخضر، كما في الحديث "الدُّنيا حُلوةٌ خضِرة" وتأتي بمعنى النضارة.
وأصبح معلومًا الآن أن اللون الأخضر للنبات، والذي أطلق عليه حديثًا:
كلوروفيل Chlorophyll وهي كلمة يونانية معناها اللون الأخضر، هذه المادة الخضراء هي المسئولة عن عملية التمثيل أو البناء الضوئي، والتي من خلالها يقوم النبات بتصنيع الغذاء الخاص به، وبدونه تتوقف الحياة على الأرض، ولذلك فان عملية التمثيل الضوئي هي أهم عملية حيوية تتم على وجه الأرض، وإذا اختفت هذه العملية تحولت الأرض إلى كتلة صخرية أو رملية ميتة لا حياة فيها .

❇        

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا)
(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) يعنى من السحاب مطرًا (فَأَخْرَجْنَا بِهِ) أي بالماء 
(نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) يعنى النبات الذي يتغذى عليه كُلِّ شَيْءٍ وكل كائن حي على وجه الأرض  
(فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ) أي من الماء (خَضِرًا) أي النبات الذي فيه هذه المادة الخضراء (نُخْرِجُ مِنْهُ) أي نُخْرِجُ مِنْ هذه المادة الخضراء، لأن الضمير يعود على أقرب مذكور (حَبًّا مُتَرَاكِبًا) لأن هذه المادة الخضراء هي أساس كل ثمر على وجه الأرض. 
(نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا) حبوبًا كثيرة متراكبة، يعنى مرصوصة ويركب بعضها فوق بعض: مثل حبوب القمح والشعير والرمان 


❇        

(وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ) 
(وَمِنَ النَّخْلِ) وَنخرج مِنَ النَّخْلِ
(مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ) الطلع هو أول ما يخرج من النخل، يطلق عليه المزارعون "الكوز" 


ثم ينشق الطلع ويخرج منه القِنْوَانٌ، والقِنْوَانٌ جمع "قِنْوَ" وهو ما نطلق عليه السباطة.
فقوله تعالى
(وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ) يعنى نخرج 
من الكوز السباطة
ويصف تعالى هذه القنوان فيقول
(قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ) يعنى قريبة سهلة التناول، مع أنها تكون في مكان مرتفع، طول النخلة يصل الى أكثر من 30متر، قال تعالى (وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ)  
السبب: عندما يطلع "طلع النخل" وهو الثمرة الأولى للنخلة، والذي نطلق عليه "الكوز" يكون وسط شوك الجريد، لحمايته الحشرات، ثم عندما ينضج ويكبر يثقل وينحنى ويخرج خارج الشوك، فيكون سهل المتناول.
وتدرك هذه النعمة اذا شذت سباطة ولم تخرج من الشوك ، فيجب على النخال ان يدخل يده وسط الشوك، ويكون الأمر صعب جدًا، كأنها لا تخرج حتى تذكر الانسان بنعمة الله في أن جعلها تتدلى وتكون سهلة التناول.


❇        

(وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) 
يعنى وأخرجنا بساتين مِنْ الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ
لماذا ذكر تعالى الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ بالتحديد ؟
قال البعض لأنها أشهر المطعومات عند أهل الحجاز.
ولكن هل ذكر الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ دليل على أن في هذه الثمار فوائد خاصة، خاصة أنها ذكرت في أكثر من موضع في القرآن العظيم، فالرمان ذكر ثلاثة مرات، والزيتون سبع مرات، والعنب ذكر في أحدي عشر آية ؟
نقوم نعم ذكر الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ في القرآن دليل على فوائد هذه الفواكه، لأن الله تعالى ذكرها في سياق المن على عباده، والله تعالى لا يمن على عباده الا بما فيه الخير والنفع.
أمر آخر يجمع الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ، وهي أن بداية الآيات تحدثت عن الْحَبِّ وَالنَّوَى، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) وقلنا أن النوي هو ما نطلق عليه البذرة، وقد أثبت العلم الحديث الفوائد الكثيرة جدًا لبذور هذه الثمار الثلاثة وهي الأعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ.


❇        

يقول تعالى (مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ) 
يعنى هذه الثمار وهي ثمار العنب والزيتون والرمان منها ما يشبه بعضه البعض، ومنها ما لا يشبه بعضه البعض.
فالرمان يوجد منه في كل بلد عشرات الأنواع، ويوجد أكثر من 260 نوعاً من أشجار الزيتون في العالم، وهناك حوالى 10.000 نوع من العنب.


❇        

(انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ)
يعنى انْظُرُوا الى هذه الثمار نظر تفكر واعتبار، وانْظُرُوا كيف يتحول جدار مبيض زهرة النبات الى القشرة الخارجية للثمرة حتى تحميها، وكيف تتكوّن داخل القشرة مادة طرية شهية قابلة للأكل.
كلمة (وَيَنْعِهِ) يعنى ونضجه، انظر الى جمال الثمرة عندنا تنضج، انظر الى جمال ثمرة الموز أو العنب أو البرتقال أو الجوافة
 (إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇