Untitled Document

عدد المشاهدات : 680

كيف ندعو الله –تعالى- حتى يستجيب لدعائنا ؟

كيف ندعو الله –تعالى- حتى يستجيب لدعائنا ؟

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

الدعاء عبادة هامة جدًا، يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الدعاء هو العبادة" ويقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الدعاء مخ العبادة"
كيف ندوا الله –سبحانه وتعالى-؟
يقول تعالى في الآية (55) سورة الأعراف
(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) 
في هذه الآية الكريمة يعلمنا الله –سبحانه وتعالى- كيف ندعوه تعالى.
يقول تعالى: (ادعوا ربكم تضرعًا وخفية)
(تضرعًا) في تذلل وتخشع واستكانة
(وخفية) في خفض صوت وسكون.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
نتحدث أولًا عن التضرع في الدعاء:
يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مر عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- برجل وفي يده حصاة يلعب بها، وهو يقول: اللهم زوجني من الحور العين، فمال إليه عمر فقال "بِئْسَ الْخَاطِبُ أَنْتَ، أَلَا أَلْقَيْتَ الْحَصَاةَ، وَأَخْلَصْتَ إِلَى اللهِ الدُّعَاءَ؟"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كنت أري أحد المشايخ له برنامج تليفزيوني يتصل به المشاهدون ويطلبون منه الدعاء لأمور معينة، وهو يدعو لهم بطريقة رتيبة كأنه -والعياذ بالله- يعطي تعليمات، مع أن هذا الشيخ المفروض أن يعلم الناس كيفية الدعاء، فهذا من الاعتداء في الدعاء، لأنه ترك التضرع لله تعالى.
عندما قال أخوة يوسف لأبيهم يعقوب (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) لم يرفع يعقوب يده ودعا لهم بالمغفرة مباشرة؟ وانما َقالَ (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) لأن الموضوع يحتاج الى خلوة بيني وبين ربي في الثلث الأخير من الليل، والى ان أتذلل وأتخشع وانكسر بين يدي الله تعالى، ثم أطلب من الله أن يغفر لكم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
انظر الى عيسى –عليه السلام- عندما طلب منه قومه أن ينزل الله عليهم مائدة من السماء، روي أنه لبس المسوح وأخذ يصلى ويبكي ويتذلل ويتخشع لله تعالى، ثم قال (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) وهكذا جميع أدعية الأنبياء في القرآن العظيم فيها تذلل وتخشع لله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
دعاء يونس في بطن الحوت (لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
دعاء زكريا (رب اني وهن العظم واشتعل الراس شيبا ولم أن بدعائك رب شقيا واني خفت الموالي من ورائي وكانت أمراتي عاقرا فهل لى من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
دعاء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشهير في رحلة الطائف (اللهم اني أشكو اليك 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى في سورة النحل (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء)  
يقول عبد الله بن عمر: "أنا أعلم متى يستجاب دعائي" قيل له كيف؟، قال: "إذا خشع القلب واهتزت الجوارح ودمعت العين أقول هذه لحظة إجابة دعاء"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول الإمام أحمد بن حنبل: مثل المؤمن حين يستجاب دعاؤه كمثل رجل في بحر هائج تحطمت به سفينة فتعلق في خشبة يريد النجاة من الأمواج. يقول: يا رب. يا رب فهكذا مثل المؤمن حين يستجاب دعاؤه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ذكر الحَافِظُ بْنُ عَسَاكِرَ قصة رَجُلٍ كان عنده بغل، وكان عمله أن ينقل الناس من بلدة الى أخري، فَرَكِبَ مَعِه ذَاتَ مَرَّةٍ رَجُلٌ، ومرا على طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكَةٍ، فَقَالَ لِه هذا الرجل: نسير في هذا الطريق فهو اقرب، فقال له الرجل: لا أعلم هذا الطريق ، فقال له الرجل: أنا أعلم هذا الطريق جيدًا، وهو أقرب، فسارا في هذا الطريق، حتى وصلا الى مكان مهجور وفيه قتلى كثيرين، فنزل الرجل وأخرج سكينًا، فقال له الرجل: خُذِ البَغْلَ بِمَا عَلَيْهِ، فقال له الرجل: هُوَ لِي، وَإِنَّمَا أُرِيدُ قَتْلَكَ، فأخذ يخوفه الله وعقوبته فلم يقبل، فقال له: فاتركني حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ؟
فقال له الرجل: صَلِّ وَعَجِّلْ، فقام الرجل يصلى ثم قال: فَارْتِجَ عَلَيَّ القُرْآنُ فَلَمْ يَحْضُرْنِي مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَبَقِيتُ وَاقِفَاً مُتَحَيِّرَاً وجعل الرجل يَقُولُ: هيه اُفْرُغْ، يقول الرجل: فَأَجْرَى اللُه عَلَى لِسَانِي قَوْلَهُ تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾. يقول فَإِذَا بِفَارِسٍ قَد أَقْبَلَ من فَمِ الوَادِي، وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ، فَرَمَى بِهَا الرَّجُلَ فوقعت في صدره، فَخَرَّ صَرِيعَاً، فَتَعَلَّقْتُ بالفَارِسِ وَقُلْتُ: باللهِ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ اللهِ الذي يُجِيبُ المُضْطَّرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عاد "سفيان الثوري" رجلًا فقال له: ادع لي، فقال له سفيان الثوري: بل ادع أنت، فان الله تعالى يقول: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (ادعوا ربكم تضرعًا وخفية)
وقلنا (تضرعًا) يعنى في تذلل واستكانة
(وخفية) في خفض صوت وسكون.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن الأمر الثاني الذي أمر الله تعالى به في الدعاء هو خفض الصوت في الدعاء.
وقد أَثْنَى اللَّهُ تعالى على دعاءِ زكريا -عَلَيْهِ السَّلامُ- فقال تعالى: (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا)
ويقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية"
عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزاة –غزوة خيبر- فأشرفوا واد، فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم، فقال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنفُسكُم –أرفقوا بأنفسكم- إِنَّكُم لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُم تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حتى أن أبو حَنِيفَةَ قال إن الإمام في الصلاة إذا قال (َولاَ الضَّالِّينَ) فالأفضل أن يقول المصلون (آمين) في السر، لأن آمين دعاء، يعنى "اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ" والله تعالى يقول (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) 
إذا لم ترد أن تقول آمين في السر، لا حرج، ولكن لا ترفع بها صوتك بحيث تؤذي من حولك.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كنت أقف في صلاة التراويح والأمام يدعو وخلفي شاب، يقول آمين بصوت لم يزعج من حوله فقط، ولكن أزعج كل المسجد.
أحيانًا أكون ساجدًا في صلاة جماعة وأسمع كل دعاء من يصلى الى جواري.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لماذا أمر الله بخفض الصوت في الدعاء؟ لأن الدعاء عبادة، ذكرنا قول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الدعاء مخ العبادة" و"الدعاء هو العبادة" والأصل في العبادة أن تكون في السر.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
جلست مع رجل، فاذا تكلمت شرع في التسبيح بسبحة في يده، وقلت: إذا انشغلت بالتسبيح عن كلامي فهذا سوء أدب معي، وإذا انشغلت بكلامي عن التسبيح فهذا سوء أدب مع من تذكره وهو الله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
صام أحدهم أربعين سنة دون أن تعلم زوجته أنه صائم، كان يحمل طعامه ويذهب الى عمله فيتصدق به في الطريق، ثم يعود من عمله بعد صلاة المغرب فيأكل مع اهل بيته.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كان "على زين العابدين" يحمل الطعام سرًا في الليل في المدينة الى منازل الأرامل والفقراء فيضع الطعام أمام أبوابهم ثم يطرق الباب وينصرف، فكان فقراء المدينة يعيشون على هذا الطعام ولا يدرون من أين يأتي، فلما مات، انقطع عنهم الطعام، فعرفوا أن "على زين العابدين" هو الذي كان يأتيهم بالطعام كل ليلة، ووجدوا أنه كان يعول مائة بيت من بيوت الفقراء، وعند تغسيله وجدوا أثر الحبال التي كان يحمل بها الطعام على كتفه وظهره.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويقول الحسن البصري: أدركنا أقواماً ما من عمل يقدرون أن يكون سراً فيكون جهراً أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوت إلا همسًا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله ذكر عبدًا صالحًا فرضِي فعله فقال: (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن يقول تعالى في الآية (55) سورة الأعراف (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
في هذه الآية الكريمة يعلمنا الله –سبحانه وتعالى- كيف ندعوه تعالى.
أن ندعوه تعالى (تضرعًا) أي في حضور قلب وخضوع له تعالى، وتذلل وتخشع واستكانة
وأن ندعوه (خفية) أي في خفض صوت