Untitled Document

عدد المشاهدات : 772

الحلقة (457) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" الآيات من (142) و(143) و(144) سورة "الأَعْرَاف"(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً ….

الحلقة رقم (457)
تفسير وتدبر الآيات من (142) و(143) و(144) من سورة "الأَعْرَاف" (ص 167)

        

(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) 
        

تحدثت الآيات السابقة عن شق الله -سبحانه وتعالى- البحر لبنى إسرائيل ونجاتهم، وغرق فرعون وجيشه، ثم ذكر تعالى أنهم أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقال بنو إسرائيل لموسى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ) يعنى يريدون صنمًا الها يتقربون بعبادته الى الله تعالى، فوبخهم موسي وأدبهم على هذا الطلب.
ثم تحرك بنو إسرائيل حتى وصلوا -قيل بعد شهر ونصف الشهر- الى جبل الطور، فنزلوا في مقابل الجبل.

وكان موسي وهو بمصر قد وعد بنى إسرائيل أن الله تعالى عندما يهلك عدوهم، سيأتيهم –موسي- بكتاب من عند الله يكون فيه شريعتهم، فلما أهلك الله تعالى عدوهم سأل موسي ربه أن ينزل عليه الكتاب الذي وعد به بنى إسرائيل، فأمر الله تعالى موسي أن يصعد الى جبل الطور وأن يصوم ثلاثين يومُا، وأن ينقطع فيها للعبادة، استعدادًا لمناجاة الله تعالى وتلقي التوراة. 

        

يقول تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً) وقرأت (وَوَعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً) يعنى وعد الله تعالى موسي بالمناجاة، وبان يعطيه التوراة بعد ثَلَاثِينَ لَيْلَة.
يقول تعالى
(وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) يعنى بعد أن أتم موسي-عَلَيْهِ السَّلامُ- صيام هذه الأيام الثلاثين، أمره تعالى أن يصوم عشرة أيام أخري.
وتحدث العلماء عن سبب هذا التقسيم، يعنى لماذا أمره الله تعالى أن يصوم ثلاثين يومًا، ثم أمره أن يصوم عشرة أيام أخري!

قال بعض المفسرون أن موسي -عَلَيْهِ السَّلامُ- عندما صام هذه الأيام الثلاثين أنكر رائحة فمه، وكره أن يناجي الله بهذه الرائحة، فتسوك، فلما تسوك أوحي الله تعالى اليه: أو ما عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، ارْجِعْ حَتَّى تَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ ائْتِنِي، فَفَعَلَ مُوسَى -عليه السلام-.
وقيل أن هذه الأيام العشرة كانت اختبارًا لبنى إسرائيل، وقد كانت فتنة بنى إسرائيل في هذه الأيام العشرة، لأن موسي كان قد أخبر قومه انه سيغيب عنهم ثلاثين يومًا، فلما تأخر موسي قالوا انه قد هلك في الجبل، ثم أخرج لهم السامري العجل وعبدوه، كما سيأتي. 

        

وهذه الثَلَاثِينَ لَيْلَةً كانت هي شهر ذي القعدة. وأن العشر التي تم بها الأربعين ليلة هي عشر من ذي الحجة.
فيكون تكليم الله لموسى قد تم في يوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم النحر، وهذا من فضائل هذا اليوم العظيم.
ومن فضائل هذا اليوم أنه اليوم الذي فدي فيه إسماعيل من الذبح، ومن فضائله أنه اليوم الذي نزل فيه قول الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فهو اليوم الذي أكمل الله لنا فيه الدين، وأتم علينا النعمة، فكل ذلك من فضائل هذا اليوم العظيم.

        

(وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)
يعنى قَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ: كن خليفتي في سياسة بنى إسرائيل وفي قيادتهم حتى أرجع.
ومعنى
(اخْلُفْنِي) يعنى تكون على نفس منهجي.
كما كان "أبو بكر الصديق" لقبه هو "خليفة رسول الله" لأنه كان على نفس منهجه.

وهذه الآية الكريمة هي التي طيب بها الرسول ﷺ قلب "على بن ابي طالب" في مسلم أن الرسول ﷺ عندما خرج الى غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة استخلف عليًا على المدينة، فلما خرج الرسول ﷺ لحق به “على بن ابي طالب" وهو في بعض الطريق وقال: يا نبي الله تُخلِّفُني في النِّساءِ والصِّبيانِ؟ فقال له الرسول ﷺ "أمَا تَرْضى أنْ تَكونَ منِّي بمَنزِلةِ هارونَ مِن مُوسى غيرَ أنَّه لا نَبيَّ بَعْدي"، فقال على "بلى بلى" وعاد الى المدينة مسرعًا.

        

يقول تعالى (وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) يعنى قال موسي لهارون وهو يأمره كيف يسوس بنى إسرائيل، وكيف يقودهم: وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ 
فأمره بأمرين: الأمر الأول
(وَأَصْلِحْ) يعنى وَأَصْلِحْ الفاسد وقوم الفساد.
الأمر الثاني
(وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) يعنى ان لم تستطع أن تصلح الفساد، فإياك أن تسير في طريق المفسدين أو أن تسايرهم.  
وهذا هو منهج المؤمن في كل علاقاته الاجتماعية، فهو مأمور أن يصلح، فان عجز عن الإصلاح -لضعفه وقلة حيلته- فلا يجوز له ابدًا أن يسير في طريق المفسدين أو يسايرهم.
شاب كل أصحابه يشربون السجائر، أو أو أو ... أي معصية، المطلوب من هذا الشاب أن يصلحهم، فان لم يستطع اصلاحهم فلا يجوز أن يسايرهم.
زوجة ابتليت بزوج لا يصلى ويشرب المخدرات، وهي -كما نقول في مصر- قليلة الحيلة، وهي لا تستطيع أن تصلحه، لا يجوز أن تسايرهن وتشرب معه المخدرات.

"ان لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل"
يقول تعالى (وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) هذه الوصية من موسي لهارون، تدل على أنه توقع منهم الشر، لعلمه من عدم تمكن الإيمان في قلوبهم.


        

(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى الى المكان الذي حدده له الله تعالي، والوقت الذي حدده الله تعالى له لمناجاته.
(وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) يعنى وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ من غير واسطة ملك، وهذه خصوصية لموسى ليست لغيره من رسل الله. 

        

وكما نقول دائمًا أن الله تعالى أثبت لنفسه صفة الكلام، ولكن نأخذها في إطار قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

        

(قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) 
لما ذاق موسي لذة وحلاوة مناجاة الله تعالى، تطلع وطمع الى رؤية الله تعالى، فقال موسي (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) وقرأت (أرْني أنظر إليك) بسكون الراء.

        

اذا تأملت قول موسي (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) تجد أنه كان يمكن أن يعبر عن رغبته في رؤية الله تعالى بقوله (أَرِنِي) فقط، أو (أَنْظُرْ) فقط، لأن الكلمتين نفس المعنى، ولكن قوله (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) يدل على شدة لهفته الى رؤية الله عز وجل.
        

قَالَ (لَنْ تَرَانِي) يعنى قال تعالى لموسى: أنت لا موسي لن تستطيع أن تراني.
(والمقصود لن تستطيع ان تراني في الدنيا وأنت بهذه البنية الآدمية البشرية الضعيفة، لأن مذهب أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة يوم القيامة يقول تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) كما ثبت هذا في الأحاديث الصحيحة.

        

وروى عن ابن عباس أن موسي حين قال لله تعالى (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) قال له تعالى لَنْ تَرَانِي يا موسى إنه لن يراني أحد فيحيا، قال موسى: رب أن أراك ثم أموت، أحبّ إلىّ من ألا أراك ثم أحيا
        

يقول تعالى (وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) 
هنا يتلطف الله تعالى لموسى في رفض طلبه أن يري ربه تعالى، وقد كان يمكن أن يكون الرد على موسي هو (لَنْ تَرَانِي) ولكن الله تعالى من لطفه بموسى أجري له اختبارًا عمليًا ليثبت له بأن المانع من الرؤية ليس من جانب فيضه تعالى عليه، ولكن المانع هو الشفقة على موسي لأنه لا يستطيع ببنيته البشرية ان يري الله تعالى. 
فقال له تعالى: انْظُرْ إِلَى هذا الْجَبَلِ -وليس هناك من مخلوقات الله تعالي ما هو أصلب ولا أقسي ولا أعظم من الجبال- فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ يعنى فان ثبت مكانه حين أتجلي عليه، فستستطيع أنت أن تراني.

        

(فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) 
الدك هو التفتيت والسحق 
أي أصبح الجبل حين تجلى عليه الله تعالى متفتتًا.
وقرأت (جَعَلَهُ دَكَاء) يعنى سوي بالأرض
وفي الحديث: أن الجبل ساخ في الأرض يعنى غاص في الأرض.
والأعجب ان الله تعالى لم ينكشف من نوره للجبل الا بمقدار الأنملة.
ففي الحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم عن أنس ابن مالك أن النبي ﷺ قرأ الآية ثم أشار بأصبعيه ووضع إبهامه على المفصل الأعلى من الخنصر

        

يقول تعالى (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) 
يعنى وَسقط مُوسَى مغشيًا عليه.
وتفرد قتادة بأن موسي سقط ميتًا ثم أحياه الله تعالى.

يقول الشعراوي-رحمه الله- معلقًا "إذا كان هذا هو ما حدث لموسى عنما رأي المُتَجَلي عليه، وهو الجبل، فكيف اذا رأي المُتَجِلي وهو الله"

        

يقول تعالى (فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)
يعنى فَلَمَّا أَفَاقَ موسي من غشيته قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
كثير من المفسرين فسر هذه الجملة على الرؤية:

(سُبْحَانَكَ) يعنى أنت يا رب منزه من أن يراك أحد في الدنيا.
(تُبْتُ إِلَيْكَ) يعنى تُبْتُ إِلَيْكَ من هذا الخطأ، وهو أن أسألك مثل هذا السؤال.
(وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) وأنا أول المؤمنين أنه لا يراك أحد.
لأنه لم يمر أحد قبل موسي بهذه التجربة.

        

وان كان تدبر الآية فيه معاني أوسع من ذلك بكثير.
عندما تحاول أن تضع نفسك مكان موسي في هذا الموقف.
أن الله تعالى يخبرك أنه سيتجلى على هذا الجبل الذي تراه أمامك.
ثم يتجلى الله على الجبل، فيتفتت هذا الجبل، وينهار في لحظة واحدة.
ثم يفيق موسي من غشيته
في هذه اللحظة يقع في قلب موسي ثلاثة أشياء:
شعور جارف بعظمة الله تعالى، إحساس بالتقصير في حق الله تعالى، ثم رغبة قوية في سد هذا التقصير.
شعور جارف بعظمة الله تعالى، ولذلك قال
(سُبْحَانَكَ)
ثم لما شعر بعظمة الله شعر بالتقصير الشديد في حق الله، ولذلك قال (تُبْتُ إِلَيْكَ)
ثم رغبة قوية في سد هذا التقصير، والإسراع في طاعة الله تعالى، ولذلك قال (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)
يعنى أنا في الصف الأول في كل باب من أبواب الطاعة.

        

(قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)
ثم يواسي الله تعالى موسي ويخاطبه بلطف ومودة وحب، ويقول له 
(يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي) 
يعنى يَا مُوسَى إِنِّي اخترتك وفضلتك عَلَى النَّاسِ.
(بِرِسَالَاتِي) وهي أسفار التوراة.
(وَبِكَلَامِي) يعنى بكلامي لك بدون واسطة ملك، وهي خصوصية لموسى ليست لغيره من رسل الله.

        

(فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
يعنى فَخُذْ يا موسي ما أعطيتك من التوراة وما فضلتك به من شرف الاصطفاء والمناجاة، وارض به واقنع به.
(وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
يعنى وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ على ما أنعمت به عليك، وعلى ما فضلتك به على الناس.

        

يقول أبو السعود: الآية لتسليته موسي -عليه السلام- من عدم الإِجابة إِلى سؤال الرؤية كأنه قيل: إِن منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظام ما لم أعط أحداً من العالمين فاغتنمها وثابرْ على شكرها 
يقول الشعراوي -رحمه الله- فلا تنظر يا موسي الى ما مُنِّعَت منه ولكن انظر الى ما أًعْطيته

        

هناك خلاف بين العلماء هل راي الرسول ربه في رحلة المعراج؟
ذهب بعض الصحابة أن الرسول قد راي ربه، منهم ابن عباس الذي قال "جعل الكلام لموسى، والخلة لإبراهيم، والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم"
نقول أن هذه المناقشة التي كانت بين الله تعالى وبين موسي -عليه السلام- وهذه التجربة التي أجراها تعالى حين تجلى للجبل، تدل على أن رؤية الله -عز وجل- غير ممكنة في الدنيا.

وقد رُوي عن مسروق أنه قال "قلت لعائشة، يا أمّاه، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربَّه ليلة المعراج؟ فقالت: ثلاث من حدث بهن فقد كذب: من حدثك ان محمداً رأى ربه فقد كذب، ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ فقد كذب، ومن حدثك انه كتم شيئا من الدين فقد كذب.
قال مسروق: وكنت متكئا فجلست وقلت: الم يقل الله: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ) فقالت: أنا أول من سأل رسول الله عن ذلك فقال "إنما هو جبريل"
.

        

النقطة الثانية: هل جبل الطور الموجود الان بسيناء هو الجبل الذي تجلي فيه الله تعالى لموسي.
نقول اما أن الجبل الذي تجلى فيه الله لموسي قد تفتت وسوي بالأرض ولم يعد له وجود الآن، وكلمة الطور لغة هي اسم لكل جبل غليظ.
أو أن هذا الجبل قد تفتت ثم أعاده الله مرة أخري، وأن هذا الجبل هو جبل الطور الموجود الآن في جنوب شبه جزيرة سيناء.


        

أخي جابر أرسل سؤال ملخصه: هل لقاء موسي مع الخضر كان قبل هلاك فرعون، عندنا كان موسي في مصر، أم أن هذا اللقاء كان بعد هلاك فرعون، وبنى إسرائيل في مرحلة التيه ؟
واذا كان في فترة التيه فكيف خرج موسي من التيه ؟

.
موسي عليه السلام ترك بنى إسرائيل مرتين: مرة للقاء الله وتلقي التوراة وهي مدة أربعين يوم.
والمرة الثانية حين ذهب للقاء الخضر.
.
والسؤال متى كان اللقاء قبل غرق فرعون أم بعد غرق فرعون.
الحقيقة كلما قرأت سورة الكهف لا يأتي في ذهنى على الإطلاق أن لقاء موسي مع الخضر حدث فبل غرق فرعون.
يعنى من المستبعد أن يترك موسي قومه وهم يعذبون وفرعون يقتل أبنائهم ويستحي نسائهم ويخرج لطلب العلم مع فضل طلب العلم، لأن -لا شك- أن قومه في حاجة الى أن يكون موسي الى جوارهم في هذا الوقت.
حتى جو لقاء موسي مع الخضر جو فيه سكون وتشعر فيه بأن عندهم فسحة من الوقت،، وهذا يتناسب مع فترة التيه، بينما لا يتناسب مع فترة فرعون.
السؤال الثاني: اذا كان في فترة التيه فكيف خرج موسي من التيه ؟
هو لم يخرج من التيه ولكن موسي انطلق من نقطة معينة ثم عاد اليها مرة أخري.
وهذا أشار اليه قول الله تعالى (فارتدا على آثرهما قصصا)
عندما جاوز موسي مع فتاه المكان الذي فيه الخضر، عادا الى نفس النقطة التي كانا فيها.
وهذا الذي حدث مع موسي أنه انطلق مع فتاه من نقطة معينة للقاء الخضر، وربما سارا بمحائا شاطيء بحر معين، ثم عادا من نفس الطريق الذي سارا فيه. 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇