Untitled Document

عدد المشاهدات : 1886

خطبة: الحج 1

الحَجْ

 

1/2

الخطيب: الشيخ/ وائل فوزي

تاريخ الخطبة: 1431- 2010

المكان: مسجد "الوادي" بمدينة نصر - "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

مدة الخطبة: 30 دقيقة

 

أما بعد

 

ما زلنا في حديثنا عن سلسلة العبادات، وحديثنا اليوم من هذه السلسلة عن الركن الخامس من أركان الاسلام، وهو الحج000

وبعكس ما يتوقع البعض، فان حديثنا عن الحج في هذه الخطبة موجه الى الجميع:

-    هو موجه أولاً الى القادر على الحج، ومع ذلك لم يحج، فيستمع الى خطورة هذا الأمر، خطورة أن تكون قادرا على الحج، ومع ذلك لا تحج

-    وموجه كذلك لمن سيحج هذا العام ان شاء الله تعالى، لأننا سنتناول بعض أسرار الحج وما يجب أن يستحضره الحاج في قلبه مع كل منسك من مناسك الحج

-    وموجه أيضًا لغير القادر على الحج، حتى يستحضر نية الحج، ويقول لو كنت قادرًا على الحج لخرجت، فيكتب الله له بذاك ثواب الحج

 

والحقيقة دائما تكون الخطبة عن الحج في أيام الحج، وبذلك لا تكون هناك فرصة لمن لم يحج أن يخرج للحج، ولا تكون هناك فرصة لمن خرج للحج أن يستمع اليها

ولذلك فان توقيت هذه الخطبة في ذلك الوقت بالتحديد، قبل موسم الحج، حتى تكون هناك فرصة لمن لم ينوى الحج مع القدرة عليه أن يبادر للخروج الى الحج، وتكون هناك فرصة لمن سيحج هذا العام أن يستمع اليها

*       *      *

والحج من بين اركان الاسلام ومبانيه هو تمام الاسلام، وكمال الدين، وهو أيضًا عبادة العمر، وختام الأمر، وفيه نزل قول الله تعالى

((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا))

 

 

 

فضل الحج

 

o   يقول تعالى في سورة آل عمران ((وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) لماذا قال تعالى (وَمَن كَفَرَ) لأن الذي يرفض الحج يكون داخلا في دائرة الكفر

o   ويقول تعالى في سورة الحج ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)) (يَأْتُوكَ رِجَالًا) رجالًا جمع راجل، يعنى ماشيًا، يأتوك رجالًا يعنى مشاة على أرجلهم، (وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ) ضامر هو البعير المهزول، الضامر بطنه من طول السفر، ثم (يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يعنى من كل مكان بعيد، المعنى أن الذي يصله النداء بالحج يأتي الى الحج مهما كانت المشقة ومهما كان السفر طويلا أو بعيدا

o   ويقول تعالى في سورة الأعراف ((قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)) قيل في تفسير هذه الآية الكريمة، يقول الشيطان (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ) اي لبنى آدم (صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) أي طريق مكة، يقعد الشيطان عليه ليمنع الناس منها

o   يقول ابن عباس –رضى الله عنهما- في تفسير قوله تعالى ((حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)) يقول ابن عباس (أَعْمَلُ صَالِحًا) هو الحج والزكاة

*       *       *

-         يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من مات ولم يحج فليمت ان شاء يهوديًا وان شاء نصرانيًا"

-    ويقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" الرفث لها معنيان: المعنى الأول مجامعة الزوجة، والمعنى الثاني هي  كلمة جامعة لآفات اللسان، و "ولم يفسق" يعني ما معملش معصية، رجع كيوم ولدته أمه، رجع بدون ذنب واحد

-   و يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" رواه البخاري ومسلم

-    يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "الحجاج والعمار وفد الله تعالى" شوف لما تكون وفد الله تعالى كيف يكرمك الله تعالى ؟ شوف لما يأتي وفد لأحد كبار المسئولين، تتفتح له صالة كبار الزوار، ويكن الترحيب الشديد، وتسهيل كل شيء، طيب لما تكون أن وفد الله تعالى، كيف سيكرمك الله تعالى ؟!

"الحجاج والعمار وفد الله إن سألوا أعطوا، وإن دعوا أجيبوا، وإن أنفقوا أخلف عليهم"

-         ويقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج" أخرجه الحاكم

*       *       *

-    يقول عمر بن الخطاب: "والله لقد هممت أن أرسل في الأمصار من كان غنيا ولم يحج فافرضوا عليه الجزية" فرض الجزية يعنى ليس مسلما

-    سعيد بن الجبير –رحمه الله- يقول: والله لو علمت أن رجلا في البلدة كان يستطيع الحج ولم يحج ما صليت عليه الجنازة"

-    يقول على بن الموفق –رحمه الله- حججت سنة فلما قضيت مناسكي تفكرت فيمن لايقب حجه، فقلت اللهم انى قد وهبت حجتى وجعلت ثوابها لمن لم تقبل حجته، فقال: فرايت رب العزة في النوم فقال لى: يا على تتسخى علىَّ وأنا خلقت السخاء والسخاء، وأنا أجود الأجودينن واكرم الأكرمين، وأحق بالجود والكرم من العالمين، قد وهبت كل من لم اقبل حجته لمن قبلته"

*       *       *

نتحدث الآن عن خطوات الحج

أولا: التوبة

أول خطوة من خطوات الحج هو "التوبة" اياك أن تحج أو تعتمر وأنت تنوى العودة الى المعصية مرة أخرى، كيف ستقدم على الله تعالى، وتقف أمام البيت وتقول اللهم افغر لى وأنت تنوي العودة الى الذنوب مرة أخرى، وقد قلنا من قبل أن الحج لا يغفر الكبائر، والكبيرة لا تغفرها الا التوبة، وقلنا أن هذا أمر منطقي، يعنى موظف مرتشي مثلا هل يعقل انه يذهب الى الحج وهو ينوي أن يعود الى ارتكاب كبيرة الرشوة مرة اخرى عندما يعود من الحج، يبقي بغفر له جميع الرشاوى التى أخذها طوال حياته، وتعالوا نبتدي من أول وجديد، واحد ظلم ابنته او اخته في الميراث، تروح تحج ويبقي الموضوع كه انتهي، لأ الكبيرة تغفر بالتوبة، والتوبة هو ندم وترك وعزم ورد مظالم

أهم شيء أن ترد المظالم قبل أن تسافر، فكل مظلمة مثل غريم متعلق بتلابيبه ينادي عليه ويقول: الى أين تتوجه ؟ أتقصد بيت ملك الملوك وأنت مضيع أمره في منزلك هذا ومستهين به ومهمل له ؟ أولا تستحي لأن تقدم عليه قدوم العبد العاصي فيردك ولا يقبلك

كل شخص ظلمته زي شخص ماسك في هدومكن لن يقبلك الله تعالى، ولن تدخل الجنة طول ماهوه ماسك في هدومك، واحد ظلم ابناء أخيه في الميراث، وعاش طوال حياته هو وأبنائه في رغد من العيش، وأبناء أخيه الأيتام في فقر مدقع وبؤس، وقبل أن يموت بيومين وهو على فراش المرض استدعي ابناء أخيه، وطلب منهم أن يسامحوه على ظلمه لهم، ولم يرد اليهم حقهم، وأخذ يبكي ويتوسل اليهم أن يسامحوه، هو يستسهل الأمر، مع أن المفروض أن يرد اليهم حقهم أولا ثم يسالهم أن يسامحوه على سنوات الظلم الطويلة

 

ثانيا: رد الديون

ما ينفعش تطلع تحج وعليك ديون، لابد أن ترد الديون، أو أن تستأذن صاحب الدين، تقول لصاحب الدين أستأذنك في أن أخرج للحج، شوف عظمة هذا الدين، ومحافظته على الحقوق، طب اذا رفض، يبقي لا تحج !

 

ثالثا: توديع الأهل

يسن توديع الأقارب والأصحاب قبل السفر، ويسن أن تودعهم بهذا الدعاء "أستودعكم الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم" قبل أن تخرج من بيتك أو في المطار تقول لزوجتك وأبنائك: أستودعكم الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، يعني ايه أستودعكم الله، يعني أنا شايلكم وديعة عند ربنا، عشان كده تشعر عندما تقول هذا الدعاء براحة وسكينة في قلبك

رابعًا : صلاة ركعتين في بيتك

تصلي ركعتين في بيتك تقرأ في الركعة الأولي "قل يا ايها الكافرون" والثانية "قل هو الله أحد"

 

رابعا: تعاهد نفسك قبل السفر

تعاهد نفسك على أن:

1.     ألا ترتكب أي معصية في سفرك، تراقب نفسك في ذلك مراقبة شديدة

2.  أن تقطع نفسك للعبادة، أنا رايح أستغل كل ثانية مش كل دقيقة في عبادة الله تعالى، أن مش رايح ألف في الأسواق وأشترى لأ أنا رايح –فقط- أعبد الله تعالى

3.  ترك الجدال والشجار، للأسف في رحلات الحج والعمرة يكثر الجدال والشجار، لمذا؟ لأن الشيطان يكون مركز جدًا مع الحجاج والعمار، هؤلاء سيفغر لهم، كل مجهود السنوات  الماضية سيضيع في ايام قلائل، الشيطان عاوز يعمل أي حاجة عشان يفسد عليك حجك أو يفسد عيك عمرتم، كان أحد التابعين اذا أراد الحج أو العمرة يقول "اللهم اني أتصدق بجسدي للمسلمين" يعنى ايه ؟ يعني جسدي ده صدقة للمسلمين اللي عاوز يخبط فيه يخبط اللى عاوز يدوس يدوس، أنا جسدي تصدقت به للمسلمين

 

خامسًا: زيارة المدينة

دائما تبدأ رحلة الحج والعمرة بزيارة المدينة المنورة

-   ومن فضل المدينة قول الرسول –صلى الله عليه وسلم-  "من استطاع أن يموت في المدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها" 

-   وعن أبي هريرة –رضى الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام" رواه البخاري ومسلم يقول العلماء كل عمل بالمدينة بالف، يعني قرأت القرآن مثلا، الحسنة بعشر أمثالها، اضرب عشرة في الف بعشرة آلاف وهكذا كل عمل

-   ويقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى" الحديث أخرجه البخارى وأبو داود وغيرهما واللفظ للبخاري، والبعض يحتج بهذا الحديث في المنع من الرحلة لزيارة قبور العلماء والصالحين، الحديث يتحدث عن المساجد، ولم يذكر القبور، يقول الامام أبي حامد الغزالي: "لاشيء من زيارة القبور لالتماس البركة، بل بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله عز وجل"

-    يقول الشيخ الشعرواي –رحمه الله- أن الحق –سبحانه وتعالى- اختار لنبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يموت في المدينة تعظيمًا لشأنه ورفعًا لمقامه، حتى لا تكون زيارته تبعًا لزيارة البيت الحرام، وانما تكون زيارة مستقلة وخاصة به، ويأتي الناس للحج أو للعمرة وبعد أو قبل قضاء مناسكهم يقطعون مسافة حوالي 460 كيلو متر بين الجبال والصحاري شوقًا وعشقًا ومحبة لمولانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-

*       *       *

عندما تزور المدينة استحضر في قلبك أنك تزور الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنت لا تزور قبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولا تزور بيت الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولكنك تزور الرسول –صلى الله عليه وسلم- نفسه، رايح تزور الرسول –صلى الله عليه وسلم- شخصيا

يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من صلى علىَّ وسلم قيد الله الىَّ ملكًا فيبلغني السلام" وهناك حديث آخر"من من أحد يسلم علىَّ الا رد الله علىَّ روحي حتى أرد عليه السلام"

طيب هل هناك تعارض بين الحديثين ؟ هل اذا صليت على الرسول –صلى الله عليه وسلم- هل تبلغ الملائكة سلامك الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- أم يرد الله تعالى الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- روحه حتى يرد عليك السلام ؟

يقول العلماء أن من يصلى ويسلم على الرسول –صلى الله عليه وسلم- من البلاد البعيدة تحمل الملائكة السيارة هذا السلام الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتبلغه السلام

أما اذا وقفت أمام قبره الشريف –صلى الله