Untitled Document

عدد المشاهدات : 1348

خطبة: عيد الفطر

موضوع الخطبة: خطبة عيد الفطر- صِلَةُ الرَحِم

الخطيب: وائل فوزي

مكان الخطبة: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

تاريخ الخطبة: 10 ذو الحجة 1429 (8/12/2008)

مدة الخطبة: 15 دقيقة

 

خـــطبة عيد الفطر

 (((صــــلة الرحــــــــم)))

أما بعد،،،

·       يقول الله تعالى في أول سورة النساء ((واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام)) أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها

حديثنا اليوم عن فضل صلة الرحم، والتحذير من قطيعة الرحم، وقد حث الله تعالى على صلة الرحم في أكثر من موضع في القرآن الكريم

 

·   من ذلك قوله تعالى في سورة النساء أيضا الآية 36 (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً )) وقلنا في لقاء سابق أن " َالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى" هو الجار الذي تجمعك به صلة قرابة، فله عليك حق الجوار وحق الرحم

 

·   ويقول تعالى في سورة النحل الآية 90 (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))

*         *         *

·       أما الأحاديث في صلة الرحم فهي كثيرة لا حصر لها:

·   من ذلك ما روي عن عائشة-رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله )) رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم

 

·   وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري

 

·   عن عبد الله بن سلام  -رضي الله عنه- قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، انجفل الناس قِبَلهُ . وقيل : قد قدم رسول لله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت في الناس لأنظُرَ، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعتهُ تكلم به أن قال: (( يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)) رواه الترمذي، وابن ماجه واللفظ له، وأحمد، وهكذا فإن صلة الرحم سبب لدخول الجنة

 

·   عن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تعبد الله،ولا تشرك به شيئاً،وتقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتصل الرحم)) رواه البخاري ومسلم.

وهذا الحديث –أيضاً- يبين أن صلة الرحم سبب لدخول الجنة

 

·   وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم )) رواه أحمد

هذا الحديث يُخَوِف، يعنى تصور أنك طوال الأسبوع في طاعة، تقوم الليل وتصوم النهار، وختمت القرآن كله، وتؤدي أقصى ما يمكن من عبادة، وفي النهاية لا يقبل عملك، لماذا ؟! لأنك قاطع لرحمك

 

·   حديث آخر يُخَوِف عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يدخل الجنة قاطع)) أي قاطع رحم

 

*        *       *

·   لذلك موضوع قطيعة الرحم موضوع في غاية الأهمية، لأن قطيعة الرحم تحرمك من دخول الجنة والعياذ بالله، ,وهي تمنع قبول عملك، ولذلك فنجن نقول أن صلة الرحم ليست أمراً مستحباً ولكنه واجب، يقول تعالى ((فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمي أبصارهم))

 

·   لذلك عليك أن تبادر إذا كان هناك قطيعة، أو عداوة،  أو جفاء بينك وبين أي أحد من أقاربك، عليك أن تبادر فورا إلى حلها، إياك أن تأخذك العزة بالإثم، فهناك ما هو أهم من ذلك بكثير، وهو دخول الجنة، والنجاة من النار

 

·   سمعت قصة عن رجل أعمال سعودي، كانت هناك مشكلة بينه وبين أخيه، ووصل الأمر إلى ساحات القضاء، وكل منهما يرى أن الحق معه، سمع أحدهم موعظة بليغة عن صلة الرحم، وعلم أن قطيعة الرحم تمنع دخول الجنة، "لا يدخل الجنة قاطع" فاتصل بأخيه وقال له: هيه المشكلة اللي بينا ايه ؟ّ نصف مليون ريال، مش عاوزها خدها !

 

·   وتحدثنا من قبل عن حادثة الإفك، المنافقون في المدينة اتهموا امنا السيدة عائشة –رضي الله عنها- بالزنا، وهناك ثلاثة ثبت عليهم جريمة التحدث بهذا الأمر، أحدهم هو "مسطح بن أثاثة" و"مسطح" كان قريب لسيدة عائشة، وكان سيدنا أبو بكر الصديق يصل مسطح، وينفق عليه لأن "مسطح" كان فقير، فلما تحدث "مسطح" عن السيدة عائشة، وبعد أن برأها الله تعالى في سورة النور، منع أبو بكر الصديق ما كان ينفقه على "مسطح" وقال: والله لا أنفق عليه شيئاً أبدا بعد الذي قال لعائشة0 فالحق –سبحانه وتعالى- عاتب أبو بكر في ذلك، وقال ((ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم))

 

·   "لا يأتل" لا يقصر "أولو الفضل" أصحاب الزيادة في الدين، مثل أبو بكر الصديق "والسعة" في الأموال "أن يؤتوا أولى القربى" مسطح "والمساكين والمهاجرين في سبيل الله" مسطح كان من المهاجرين، وكان من أهل بدر رضي الله عنه، "وليعفوا وليصفحوا" اعفوا واصفح وبلاش القلب السود "ألا تحبون أن يغفر الله لكم" جزاء هذا العفو والصفح منك أن يغفر الله لك، وأن يعفو عنك، "والله غفور رحيم" إذا كان الله تعالى  في علياءه يغفر ألا تغفر أنت، أبو بكر عندما نزلت الآيات الكريمة بكي وقال: بلى والله أني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا

 

·   يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح" والكاشح هو المضمر العداوة، يعني أفضل صدقة تخرجها تكون على قريب لك يضمر لك العداوة، الرسول –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث يريد أن يقول لك أن عليك أن تصل رحمك حتى لو قطعوها، فليس الواصل بالمكافيء، لا تقل أن قريبي هذا يكرهني، أو يحقد عليك، أو يذكرني بسوء، ليس لك دخل بهذا، إن هو عصى الله فيك، فأطع  أنت الله فيه

*        *       *

·   أيها الإخوة المسلمون الرحم تشمل جميع الأقارب، وأخص الرحم هما الوالدين، فصلة الرحم  تشمل أيضا –بل على رأسها- بر الوالدين، علينا أن ننتهز فرصة العيد لصلة أرحامنا، إذا كانت هناك أي قطيعة أو عداوة أو جفاء علينا أن نبادر إلى إنهائها، وان نصل الفقراء منهم، ونتصدق عليهم، فهم الأولى دائما، وهي صدقة وصلة

 

نسأل الله تعالى أن ييسرنا لليسرى، وأن ينفعنا بالذكرى، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه