Untitled Document

عدد المشاهدات : 1657

خطبة: العشر الأوائل من ذي الحجة

العشر الأوائل من ذي الحجة

 

الخطيب: وائل فوزي

تاريخ الخطبة: 30 ذو القعدة 1429- 28 نوفمبر 2008

المكان: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

 

أما بعد،،،

·   فان الله تعالى قد اصطفي من البشر الأنبياء، واصطفي من الأنبياء الرسل، واصطفي من الرسل الخمسة أولي العزم من الرسل، وهم: نوح وإبراهيم وعيسي وموسى ومحمد –صلى الله عليهم وسلم- واصطفي من هؤلاء مولانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-

·   واصطفي الله تعالى من الأمم، الأمة الإسلامية، واصطفي من الأمة الاسلامية القرن الأول، وهو قرن الرسول –صلى الله عليه وسلم-  واصطفي منهم الصحابة، واصطفي من الصحابة أهل بدر، واصطفي منهم العشرة المبشرون بالجنة، ثم اصطفي منهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلى

·   واصطفي تعالى من النساء: السيدة آسيا بنت مزاحم، والسيدة مريم ابنة عمران، والسيدة خديجة بنت خويلد، والسيدة فاطمة بنت محمد، واصطفي منهن السيدة مريم- عليه السلام- يقول تعالى

·   واصطفي الله تعالى من الأيام يوم الجمعة، واصطفي من الشهور شهر رمضان، واصطفي من الليالي ليلة القدر، واصطفي تعالي من أيام العام كله، العشر الأوائل من ذي الحجة، وحديثنا اليوم –ان شاء الله تعالى- عن هذا الاصطفاء الأخير، وهو العشر الأوائل من ذي الحجة

*      *      *

·        يقول العلماء أن العشر الأوائل من ذي الحجة هي خير أيام العام على الاطلاق

·   ما الدليل على ذلك ؟ حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟! قال "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء" أخرجه البخاري

·   وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى " قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه الدارمي

·   ويكفي في شرف هذه الأيام أن الله تعالى اقسم بهذه الأيام، يقول تعالى في سورة الفجر "وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ" قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم أنها عشر ذي الحجة، والله تعالى عندما يقسم بشيء فإن ذلك يدل على علو شأن هذا المقسم عليه وأهميته

*      *      *

·   فإذا علمنا أهمية وفضل وشرف هذه الأيام العشر، فكيف نستغل هذه الأيام، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا" حديث رواه الطبراني

 

كيف نستغل هذه الأيام العشر ؟

·   أولا: التوبة، وقد قلنا في بداية رمضان أننا يجب أن نستقبل رمضان بالتوبة، ونحن نقول الآن أننا يجب أن نستقبل العشر بالتوبة، لماذا ؟ لأن التوبة واجبة في كل وقت وحين، يقول تعالى "وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ولكن التوبة في مثل هذه الأيام أوجب، لأن هذه الأيام المباركة تعين على التوبة، وقد قلنا من قبل أن التوبة: ترك وندم وعزم، ترك للذنب في الحال، وندم على ارتكابه في الماضي، وعزم على ألا تعود إليه أبدا، ونقول أيضًا أننا يجب علينا التعجيل بالتوبة، لماذا ؟ لسببين: الأول لأن أحدنا لا يعلم متى يموت، والثاني أن السيئة تجر سيئة أخرى

 

·   ثانيا: الصيام، تقول أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر –رضي الله عنهما- "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر" أخرجه النسائي وأبو داود وصححه الألباني –رحمهم الله-

أيضا في صحيح مسلم عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده"

يقول الإمام النووي –رحمه الله- "يستحب صوم أيام العشر استحباباً شديداً"

هناك لطيفة قالها بعض العلماء، أن يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة التي قبله، ويوم عرفة يكفر ذنوب السنة التي قبله والتي بعده، لأن عاشوراء لموسى عليه السلام، وعرفة لنبينا –صلى الله عليه وسلم-  وكرامته –صلى الله عليه وسلم-  تتضاعف على غيره

 

·   ثالثًا: الدعاء فالدعاء هو العبادة، وفي رواية "الدعاء مخ العبادة" ويقول تعالى "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ" فعلي المسلم أن يجتهد في الدعاء في العشر من ذي الحجة، وخاصة في يوم عرفة، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"

 

·   رابعًا: الإكثار من الذكر، يقول تعالى في سورة الحج الآية 26 "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ" جمهور المفسرين على أن هذه الأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة

جاء في مسند أحمد –رحمه الله- عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال "ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن التهليل والتكبير والتحميد"

التكبير منه مقيد ومنه مطلق، أما المقيد فعقب الصلوات، وتبدأ من بعد صلاة الفجر يوم عرفة، حتى صلاة العصر في آخر يوم من أيام التشريق، وهذا لغير المحرم، أما المحرم يكون من صلاة الظهر ليوم النحر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق

المطلق، في كل موضع يجوز فيه ذكر الله، سواء المسجد أو المنزل أو الشارع "الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وهذا من السنن المهجورة، كان أبو هريرة وابن عمر –رضي الله عنهم- يأتون السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس معهما ولا يأتيان لشيء إلا لذلك

·   خامسًا: وهذا أمر بديهي: الحج، وقد تحدثنا على مدى ثلاثة جمع عن الحج، وفضيلة الحج وأسرار الحج، وذكرنا قول الله تعالى (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) وقلنا أن الذي يرفض الحج يدخل في دائرة الكفر، وذكرنا قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من مات ولم يحج فليمت ان شاء يهوديًا ون شاء نصرانيًا") فمن لم يحج هذا العام، وهو قادر على الحج عليه أولا أن يتوب عن هذا الذنب لأن عدم الحج مع القدرة عليه ذنب عظيم، وعليه أن ينوِّ الحج في العام القادر ويستعد له

 

·   سادسًا: الإكثار من الأعمال الصالحة عموما، مثل الصلاة في جماعة، وقراءة القرآن، وحضور مجالس العلم، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلى المسلم أن يضرب من كل عمل صالح بسهم، ولا يفوتن على نفسه شيء من الخير

 

 

أما بعد

 

من أهم أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة هي الأضحية، ومن فضل الأضحية قول الله تعالى في سورة الاخلاص (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) أي صلاة العيد (وَانْحَرْ) أي ذبيحتك

 

روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة –رضى الله عنها وعن أبيها- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال : ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها، وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا

(هراقة دم) أي اراقة دم، اذن أفضل العبادات يوم العيد هي النحر، (وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها، وأظلافها وأشعارها) يعنى تأتي يوم القيامة كاملة بجميع أعضائها، كما كانت في الدنيا، حتى يكون لك بكل عضو منها أجر، وحتى تصير مركبك على الصراط (وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض) يعنى ايه (ليقع من الله) يعنى من رضا الله، يعنى الحق –سبحانه وتعالى- يقبل اضحيتك ويرضاها منك قبل ان يصل دمها الى الأرض (فطيبوا بها نفسا) يعني اذا علمتم أن الله تعالى يقبل أضحيتك، ويعطيك عنها هذا الثواب الكبير العظيم، فلتكن نفسك بها طيبة، ماتقولش كيلو الخروف يبقي بكذا، والأسعار بقت كذا

 

ورى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه"

 

وروى أحمد وابن ماجه والحاكم عن زيد بن أرقم  قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال : "سنة أبيكم إبراهيم عليه الصلاة والسلام"، قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله ؟ قال: "بكل شعرة حسنة" ، قالوا فالصوف يا رسول الله ؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة"  شوف المعنى العظيم لهذا الحديث أنت ستأخذ ان شاء الله تعالى ثوابًا على اللحم والشحم وكل ما ينتفع به، ليس هذا فحسب، بل أنت ستأخذ ثوابًا ايضًا حتى عن شعرها، وبعدد شعرها

 

وروى أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا"

 

*        *        *

 

o      وعلى هذا ذهب العلماء الى أن الأضحية سنة مؤكدة، وذهب أبو حنيفة الى وجوبها

o      وتجزئ الشاة عن واحد، والبقرة عن سبعة

 

 

والأضحية لها ثلاثة شروط

 الشرط الأول: أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، وهي خمس سنين للأبل، وسنتان في البقر، وسنة كاملة في المعز، وستة أشهر في الضأن

ومع ذلك ذهب بعض العلماء الى أن هذه السنوات للإسترشاد، يعنى اذا كانت الذبيحة أقل من ذلك وهي سمينة فلا بأس، لأن المقصود هو وفرة اللحم

الشرط الثاني: أن تكون سالمة من العيوب، وهي أربعة عيوب: العرجاء، والعوراء، والمريضة البين مرضها، والهزيلة، وكلما كانت أكمل كلما كان ذلك افضل

الشرط الثالث: أن تقع الأضحية في الوقت المحدد، وهو الفراغ من صلاة العيد، بعد أن ينتهى الامام من صلاته ومن خطبته، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة

ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسنه فليوكل غيره ممن يحسنه، وليرفق الجميع بالبهيمة،  وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ولا تذبح البهيمة أمام صاحبتها، ثم ليسمي أحدكم عند ذبحها، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك

*        *        *

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ننوه لحضراتكم بأنه قد تم افتتاح حضانة "السيدة مريم" لتحفيظ القرآن على طريقة "نور البيان" وهو يقبل الأطفال من سن 3 سنوات حتى سن 6 سنوات، وهذا المنهج وهو منهج "نور البيان" يؤهل الأطفال لحفظ القرآن كاملًا في سن لا يتجاوز الثانية عشر، وهو يعمل أيضًا على تأهيل الطفل قبل دخول المدرسة، فيعلم القراءة والكتابة والاملاء والخط والنطفق السليم، ومباديء الحساب واللغة الانجليزية، الى جانب تقويم السلوكيات الخاطئة، وتعليمه السلوكيات الطيبة من خلال القصص الاسلامي والأناشيد وبرامج الكمبيوتر، كما يوجد اشراف طبي مرتين شهريًا، وكل ذلك بأجور رمزية تمامًا

ننوه كذلك عن المركز الطبي في نفس المركز، وهناك نخبة من أفضل الأطباء والطبيبات في جميع التخصصات ومعمل تحليل، وبأجور رمزية أيضًا

*        *        *

نسأل الله أن ييسرنا لليسرى، وأن ينفعنا بالذكرى، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه