Untitled Document

عدد المشاهدات : 1234

حلقة تليفزيونية (برنامج رقائق الفتح- الحلقة السادسة) التوبة 1

رَقَائِقُ الْفَتْحِ

الْحَلَقَةُ السَّادِسَةُ

تَارِيخُ الإِذَاعَةِ:

عُنْوَانُ الْحَلَقَةِ: التَّوْبَةُ

* * *

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ

 أَمَّا بَعْدُ

* * *

الْيَوْمُ حَدِيثُنَا –إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- عَنْ مَوْضُوعٍ شَدِيدِ الأَهَمِّيَةِ، وَهُوَ مَوْضُوعُ "التَّوْبَةِ"

مَا مَعْنَى التَّوْبَةِ؟ التَّوْبَةُ لُغَةً: تَعْنِي الْعَوْدَةَ وَالرُّجُوعَ، الرُّجُوعُ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُهُ اللهُ إِلَى كُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ، الرُّجُوعُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلَى طَاعَةِ اللهِ.

 

يَقُولُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الزُّمُرِ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم}

سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى وَحْشِيٍّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، مَنْ "وَحْشِيٌّ"؟ وَحْشِيٌّ الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ، عَمُّ النَّبِيِّ وَأَخُوهُ فِي الرَّضَاعَةِ، وَالرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُحِبُّهِ جِدًا، وَعِنْدَمَا قُتِلَ فِي أُحُدٍ وَقَفَ عَلَى جُثَّتِهِ يَبْكِي وَيَقُولُ "لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ، مَا وَقَفْتُ مَوْقِفًا قَطُّ أَغْيَظَ عَليَّ مِنْ هَذَا الْمَوْقِفِ " أَكْثَرُ مَوْقِفٍ آلَمَنِي فِي حَيَاتِي هُوَ هَذَا الْمَوْقِفُ، وَمَعَ ذَلِكَ الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى وَحْشِيٍّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَحْشِيٌّ يقُولُ: كَيْفَ تَدْعُونِي إِلَى دِينِكَ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَوْ أَشْرَكَ أَوْ زَنَى يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ، وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمِ {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا} فَقَالَ وَحْشِيٌّ: هَذَا شَرْطٌ شَدِيدٌ لَعَلِّي لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَهَلْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ {إِنَّ اللّهََ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} فَقَالَ وَحْشِيٌّ: أَرَانِي بَعْدُ فِي شُبْهَةٍ، فَلا أَدْرِي يَغْفِرُ لِي أَمْ لا ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم}

فَقَالَ وَحْشِيٌّ: نَعَمْ هَذَا، فَجَاءَ وَأَسْلَمَ

 

القصة دي تسمعها تستغرب، تقول هوه وَحْشِيٍّ بيتشرط ليه ؟هوه مين مُحتاج مين؟ لا ما تستغربش لأن من صفات الله تعالى أنه غَفُورُ تَّوَابُ عَفُّوُ، احنا بنقول في  الدعاء ايه "اللهم انك عَفُّوُ" هه "تحب العفو"

ولذلك يَقُولُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ تَعَالَى بِنَا، أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا؟

 

يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْحَدِيثِ القُدُسِيِّ:
((لَمَّا عَصَى إِبْلِيسُ اللهَ فَقَالَ اللهُ لَهُ: اخْرُجْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَبْدَانِهِمْ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَغْفِرَ لَهُمْ مَا دَامُوا يَسْتَغْفِرُونَنِي))

يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: -مِنْ أَعْظَمِ الأَحَادِيثِ عَلَى الإِطْلاقِ حَتىَّ جَعَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَصْلاً مِنْ أُصُولِ الأَحَادِيثِ الأَرْبَعِينَ كَمَا فَعَلَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ-.
يَقولُ تَعَالَى "يَا ابْنَ آدَمَ" وَإنِمَّا نَادَاهُ بابْنِ آدَمَ صَاحِبُ الْخَطِيئَةِ الأُولَى، ابْنُ آدَمَ الْمُذْنِبُ، ابْنُ آدَمَ الَّذِي نَزَلَ بِخَطِيئَتِهِ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ((يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي، يَا ابِنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ لَقِيْتَنِي بِتَرَابِ الأْرَضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيْتَنِي لا تُشْرِكَ بِي شَيْئَا لأَتَيْتُكَ بِتُرَابِهَا
مَغْفِرَةً))

 

روي مسلم من حديث أبي أَبْو هُرَيْرَةَ –رضى الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
"
أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ أذْرُونِي فِي الرَّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللهِ! لَئِنْ قَدَرَ عَلَيِّ رَبِّي، لَيُعَذْبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا، قَالَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِلأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبُ! فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ"

* * *

هناك قصة حدثت فِي عَهْدِ نَبِيِّ اللهِ مُوسَى-عَلَيْهِ السَّلامِ- رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَاصٍ للهِ تَعَالَى وَلَمْ يَتْرِكْ الذُّنُوبَ لِمُدَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقْتُهَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ وَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ خَيْرٌ،
فَوَقَفَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى وَبَنُو إِسْرِائِيلَ لِيُصُلُّوا صَلاةَ الاسْتِسْقَاءِ، وَلَكن لم يَنْزِلْ الْمَطَرُ، مُوسَى كليم الله، فسأل الله تعالى: لماذا يارب حبست المطر عنا، فَقَالَ لَهُ اللهُ: «لَنْ يَنْزِلَ الْمَطَرُ، فَبَيْنَكُمْ عَبْدٌ يَعْصِينِي مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَبِشُؤْمِ مَعْصِيَتِهِ مُنِعْتُمُ الْمَطَرَ مِِنَ السَّمَاءِ»
فَقَالَ مُوسَى: «وَمَاذَا نَفْعَلُ يا رب؟»، فَقَالَ تعالى: «أَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِكُمْ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِكُمْ نَزَلَ الْمَطَرُ»
فنادي مُوسَى بني إسرائيل وَقَالَ: «يَا بَنِي إِسْرِائِيلَ.. بِيْنَنَا رَجُلٌ يَعْصِي اللهََ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَبِشُؤْمِ مَعْصِيَتِهِ مُنِعَ الْمَطَرُ مِنَ السَّمَاءِ وَلَنْ يَنْزِلَ المَطَرُ حَتَّى يَخْرُجَ»، الرجل العاصى حس بنفسه، ودعا الله تعالى دعاء المضطر، وقال: «يَا رَبُ، أَنَا إِذَا خَرَجْتُ بَيْنَ النَّاسِ فُضِحْتُ وَإِنْ بَقِيتُ سَنَمُوتُ مِنَ الْعَطَشِ، يَا رَبُ لَيْسَ أَمَامِي إِلاَّ أَنْ أَتُوبَ إِلَيْكَ وَأَسْتَغْفِرُكَ، فَاغْفِرْ لِي وَاسْتُرْنِي»، فَنَزَلَ الْمَطَرُ!
فَقَالَ مُوسَى: «يَا رَبُ نَزَلَ الْمَطَرُ وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ»! فَقَالَ اللهُ: «نَزَلَ الْمَطَرُ لِفَرْحَتِي بِتَوْبَةِ عَبْدِي الَّذِي عَصَانِي أَرْبَعِينَ سَنَةً»،
فَقَالَ مُوسَى: «يَا رَبُ دُلَّنِي عَلَيْهِ لأَفْرَحَ بِهِ»، فَقَالَ اللهُ لَهُ: «يَا مُوسَى يَعْصِينِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَسْتُرُهُ، أَيَوْمُ يَتُوبُ إِلَيَّ أَفْضَحُهُ؟!»
.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طيب تعالوا نقول قصة معاصرة عن التوبة، القصة دي يرويها كثيرًا عالم سعودي الجنسية، وهيه قصته الشخصية

القصة تحكي عن رجل يقول أنه لم يكن قد جاوز الثلاثين عندما أنجبت زوجته أول أبنائه،يقول أنه هذه الليلة كان جالسًا في استراحة مع شلته، وهي سهرة –كما يصفها- مليئة بالكلام الفارغ، والغيبة والتعليقات المحرمة، وكان هو الذي يتولى دائمًا اضحاك الناس، وكان عنده موهبة في السخرية والتقليد، حتى أن البعض كان يتجنبه حتى يسلم من لسانه

يقول أنه في هذه الليلة أضحكهم كثيرًا، وفي هذه الليلة بالتحديد سخر من أعمى رآه يتسول في السوق، بل أنه كذلك وضع قدمه أمامه فتعثر ووقع على الأرض، ثم قام يتلفت لا يدري ما يقول، بينما انطلقت ضحكته هو تدوي في السوق

يقول عاد الى بيته في هذه الليلة متأخرًا كعادته، وجد زوجته في انتظاره وفي حالة لا يرثي له، قالت له: راشد أين كنت ؟ قال له في سخريته التى اعتاد عليها: كنت في المريخ، قالت له: أنا تعبانة قوي الظاهر موعد ولادتي قد جاء، وسقطت دمعة من عينيها، وشعر أنه قد أهمل زوجته كثيرًا، وأنه كان ينبغي أن يقلل سهراته على الأقل وهي في شهرها التاسع، المهم أنه حملها سريعًا الى المستشفي، وبعد الولادة طلبوا منه مراجعة الطبيبة التى أشرفت على الولادة، فدخل عليها وأخذت تتحدث اليه عن المصائب والرضا بالأقدار، ثم أخبرته أن ولده به تشوه في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر، يقول: خقضت رأسي وأنا أغالب دموعي، وتذكرت ذلك المتسول الأعمي الذي سخرت منه، وشمت فيه وأظهرت الفرحة والسرور بمصيبته، وأضحكت الناس عليه

يقول دخلت على زوجتى، وفوجئت أنها لم تكن حزينة، بل كانت راضية بقضاء الله وقدره، يقول: خرجنا من المستشفي وخرج معنا ابنى "سالم" ويقول أنه لم يكن يهتم به، كان يعتبر "سالم" كأنه غير موجود بالمنزل، وكان حينما يشتد بكائه يترك الغرفة ويذهب الى أي مكان آخر، بينما كانت زوجته تهتم به كثيرًا، وتحبه كثيرًا، يقول: أما أنا فلم أستطع أن أحبه، لم أكن أكرهه، ولكن لم أستطع أن أحب ابنى سالم

كبر سالم، وبدأ يحبو، فكانت حبوته غريبة، ثم قارب عمره العام، وبدأ يمشى فاكتشفوا أنه أعرج كذلك، يقول: فاصبح ثقيلًا على نفسي أكثر، وأنجب بعدها عمر وخالد

مرت عشر سنوات كبر سالم وكبر أخواه، وحياته كما هي لا يحب الجلوس في البيت، حياته كلها عمل ونوم وطعام وسهر، بينما زوجته لا تياس ابدًا من محاولة اصلاح زوجها، بل تدعو له دائمًا بالهداية، ولكنها كانت تحزن كثيرا حين ترى اهماله لسالم واهتمامه بأخويه

ثم يقول: في يوم جمعة كنت مدعوا الى وليمة، يقول: استيقظت في الحادية عشر، لبست وتعطرت وهممت بالخروج ومررت بصالة المنزل، ولكنه فوجيء أن "سالم" يبكي بحرقة، يقول حاولت أن أتجاهله فلم أستطع، اقتربت منه وقلت له: سالم مايبكيك ؟ يقول توقف "سالم" عن البكاء، فلما اقترب منه وجد أنه يحاول الابتعاد عنه، وكأنه يقول الآن أحسست بي أين أنت منذ عشر سنوات، أخذ "سالم" يتحسس المجال حوله ومضى الى غرفته، تبعه راشد وأخذ يتلطف له ليعرف سبب بكائه، ثم فوجيء أن سبب بكائه هو أن أخوه عمر الذي اعتاد أن يوصله الى المسجد قد تأخر عليه، واليوم هو يوم جمعة وهو يردي أن يصلى في الصف الأول، ونادي أخوه عمر فلم يجيبه ونادي أمه فلم تجيبه فبكي

قال له أبوه: ألهذا بكيت يا سالم ؟ قال: نعم، قال له: أتدري من سيأخذك الى المسجد اليوم ؟ قال: أكيد عمر ولكنه يتأخر دائما، قال له: لا بل أنا الذي سأذهب بك، بكي الطفل من شدة الفرح، يقول أمسكت بيده ليصعد الى السيارة، فرفض وقال: المسجد قريب وأريد أن أخطو الى المسجد، يقول وجدت المسجد ممتلأ ولكنى وجدت مع ذلك مكان لسالم في الصف الأول، يقول استمعنا الى الخطبة، وصلى "سالم" الى جانبي، بل أنا الذي صليت الى جانبه، بعد انتهاء الصلاة طلب منه سالم مصحفًا، ثم طلب منى أن أقرأ سورة الكهف، وأخذ هو يقرأها لأنه يحفظها، يقول راشد أخذت أرتعد وأبكي، وحاولت أن أكتم بكائي فلم أستطع، وتحول بكائي الى انتحاب

يقول لم أشعر الا بيد صغيرة تتلمس وجهي، وتمسح الدموع عن عينى، انه سالم، ضممته الى صدري، ونظرت اليه وقلت في نفسي: لست أنت الأعمي، بل أنا الأعمي

يقول منذ ذلك الوقت لم تفتني صلاة جماعة في المسجد، وهجر رفقاء السوء وأصبحت له صحبة طيبةن واصبح يختم القرآن في الشهر عدة مرات، واصبح أكثر قربًا لأسرته، والابتسمامة والسعادة لا تفارق وجه سالم

يقول سافرت في رحلة عمل، فتغيبت عن المنزل ثلاثة اشهر ونصف، وكان دائم الاتصال باسرته، ويقول أنه كان شديد الاشتياق الى ابنه سالم، وعاد الى المنزل أخير وطرق الباب وهو يتمنى أن يفتح الباب ابنه سالم، ولكن فتح الباب ابنه خالد الذي لم يتجاوز عمره أربعة أعوام، حمله وهو يصرخ بابا بابا أقبت زوجنه متغيرة الوجه، انقبض صدره وصرخ أين سالم ؟ فأجهشت زوجته بالبكاء، وقال له ابنه الصغير: سالم راح الجنة عند ربنا

يقول عرفت بعدها أن سالم اصابته حمى قبل موعد مجيئه بأسبوعين، فأخذته زوجته الى المستشفي ، واشتدت عليه الحمى ولم تفارقه حتى فارقت روحه جسده

لقد اراد الله سبحانه وتعالى ان يهدي والد سالم على يد سالم قبل موت سالم