Untitled Document

عدد المشاهدات : 1999

حلقة تليفزيونية (برنامج رقائق الفتح- الحلقة الْعِشْرُونَ) الْمَوْتُ

رَقَائِقُ اَلْفَتْحِ-

اَلْحَلَقَةُ الْعِشْرُونَ- الْمَوْتُ

* * *

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَسَمَ بِالْمَوْتِ رِقَابَ الْجَبَابِرَةِ، وَكَسَرَ بِهِ ظُهُورَ الْأَكَاسِرَةِ، وَقَصَرَ بِهِ آمَالَ الْقَيَاصِرَةِ، الَّذِينَ لَمْ تَزَلْ قُلُوبُهُمْ عَنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ نَافِرَةً، حَتَّى جَاءَهُمْ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَأَرْدَاهُمْ فِي الْحَافِرَةِ، فَنُقِلُوا مِنَ الْقُصُورِ إِلَى الْقُبُورِ، وَمْنْ ضِيَاءِ الْمُهُودِ إِلَى ظُلْمَةِ اللُّحُودِ، وَمِنْ الْمَضْجَعِ الْوَثِيرِ إِلَى الْمَصْرَعِ الْوَبِيلِ،وَمِنَ التَّنَعُمِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَى التَّمَرُّغِ فِي التُّرَابِ،

فَانْظُرْ هَلْ وَجَدُوا مِنَ الْمَوْتِ حِصْنًا وَعِزًّا، وَانْظُرْ ((هَلْ تَحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُ رِكْزًا))

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ،

 فَجَدِيرٌ بِمَنِ الْمَوْتُ مَصْرَعُهُ، وَالتُّرَابُ مَضْجَعُهُ، وَالدُّودُ أَنِيسُهُ، وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ جَلِيسُهُ، وَالْقَبْرُ مَقَرُّهُ، وَبَطْنُ الْأَرْضِ مُسْتَقَرُّهُ، وَالْقِيَامَةُ مَوْعِدُهُ، وَالْجَنَّةُ أَوْ النَّارُ مَوْرِدُهُ، أَلَا يَكُونُ لَهُ فِكْرٌ إِلَّا فِي الْمَوْتِ، وَلَا ذِكْرٌ إِلَّا لَهُ، وَلَا اسْتِعْدَادٌ إِلَّا لِأَجْلِهِ.

وَقَدْ قَالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ"

"الْكَيِّسُ" يَعْنِي الْعَاقِلُ، الْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ "مَنْ دَانَ نَفْسَهُ" يَعْنِي حَاسَبَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، عَمَلً لِلآخِرَةِ.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  مَرَّ بِقَوْمٍ يَضْحَكُونَ وَيَمْزَحُونَ، فَقَالَ: أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَاتِ.

حَدِيثُنَا الْيَومَ – إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- امْتِثَالًا وطاعة  لِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَتَحَدَّثُ –إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- عَنْ هَادِمِ اللَّذَاتِ، وَمُخَرِّبِ الدُّورِ، وَعَامِرِ الْقُبُورِ، حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ الْمَوْتِ.

* * *

النَّاسُ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْمُنْهَمِكُ، وَالتَّائِبُ، وَالْعَارِفُ.

النَّوْعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُنْهَمِكُ، يَعْنِي الْمُنْهَمِكُ فِي الدُّنْيَا، وَهَذَا يَكْرَهُ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَيَنْفُرُ مِنْهُ، تلاقي واحد بيقولك أنا ما بحبش سيرة الموت، وَأُولَئِكَ هُمِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهُمْ ((قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ))

لذلك تجد سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ –الْخَلِيفَةُ الْأُمَوِيُّ السَّابِعُ- يَسْأَلُ إِمَامَ الْمَدِينَةِ أَبِي حَازِمٍ :ويَقُولُ مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ ، قَالَ :

 لِأَنَّكُمْ عَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا وَخَرَّبْتُمُ الْآخِرَةَ، فَإِنَّكُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ تُنْقَلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَاب"

 

النَّوْعُ الثَّانِي هُوَ التَّائِبُ، وَهَذَا يُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ لِيَنْبَعِثَ بِهِ مِنْ قَلْبِهِ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ فَيَفِي بِتَمَامِ التَّوْبَةِ، وَيُمْكِنُ هَذَا النَّوْعُ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، لَكِنِّهُ مِش زي النوع الأول، لأ ده بيَكْرَهُ الْمَوْتَ خِيفَةً  مِنَ أَنْ يَخْتَطِفَهُ قَبْلُ تَمَامِ التَّوْبَةِ وَقَبْلُ إِصْلَاحِ الزَّادِ

سَأَلْتُ أَحَدَ الْعَابِدَاتِ: أَتُحِبِينَ الْمَوْتَ؟ قَالَتْ: لَا فَقِيلَ لَهَا: لِمَ؟ قَالَتْ: لَوْ عَصِيتُ آدَمِيًّا مَا اشْتَهَيْتُ لِقَاءَهُ، فَكَيْفَ أُحُبُّ لِقَاءَ اللهِ وَقَدْ عَصِيتَهُ.

 

النَّوْعُ الثَّالِثُ: هُوَ الْعَارِفُ، وَهَذَا يُحُبُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ لَأَنَّهُ مَوْعِدُ لِقَاءِ حَبِيبِهِ، زَيّ الْإِمَامِ أَبِي حَامِدِ الْغَزَّالِي عِنْدَمَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَخَلَ أودته، وَغَطَّى نَفْسَهُ، وَقَالَ: أَهْلًا بِلِقَاءِ الْمَلِكِ، ثم َمَاتَ.

* * *

نَبْدَأُ بِذِكْرِ فَضْلِ ذِكْرِ الْمَوْتِ:

هَلْ ذِكْرُ الْمَوْتِ لَهُ فَضْلٌ ؟ أَيْوَه، ذِكْرُ الْمَوْتِ لَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَثَوَابٌ جَزِيلٌ.

السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ تَسْأَلُ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ يُحْشَرُ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَحَدٌ؟ يَعْنِي فِيهِ حَدٌّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حيبقى فِى مَرْتَبَةِ الشُّهَدَاءِ، قَالَ: "نَعَمْ مَنْ يَذْكُرُ الْمَوْتَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عِشْرِينَ مَرَّةً"

تَخَيَّلْ لَمَّا تُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَالرَّسُولُ حَدَّدَهَا عِشْرِينَ مَرَّةً، تبقى فِي مَرْتَبَةِ الشُّهَدَاءِ، لِأَنَّكَ لَوْ أَكْثَرْت مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، لَا بُدُ أَنْ تَسْتَقِيمَ حَيَاتُكَ عَلَى الطَّاعَةِ تَسْتَحِقُ مَعَهَا هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

لذلك امرأة العزيز عندما راودت يوسف عن نفسه وقالت له: يا يوسف ماأجمل عينيك
قال/: هما اول ما يسيل مني بعد الموت.
قالت: ما اجمل شعرك!
قال: هوا اول ما يتساقط مني بعد الموت
قالت:ما اجمل جسدك
قال: هوا اول ما يأكله الدود بعد الموت.

 الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ فَقَالَ "اذْكُرُوا الْمَوْتَ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"

  إحنا لسه قايلين فِي الْمُقَدِّمَةِ إِنَّ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ "أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَاتِ" ليه الْمَوْتُ هَادِمُ اللَّذَاتِ، لِأَنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْهَدِمُ كُلُّ لَذَّاتِ الدُّنْيَا، كُلُّ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا تَنْهَدِمُ أَمَامَ عَيِنَيْكَ فِي لَحْظَةٍ وَاحَدِةٍ، عِنْدَ الْمَوْتِ حَتفْقِد كُلَّ مَالِكِ فِي لَحْظَةٍ، الْوَاحِدُ لَوْ ضَاعَتْ مِنْهُ أَلْفَ جُنَيْهٍ حيقعد متنكد أسبوع، لَكِنْ عِنْدَ الْمَوْتِ حَتَفْقِدُ كُلَّ مَالِكٍ، وَتَفْقِدُ كُلَّ أَمْلَاكِكَ، حتفقد بَيْتَكَ، حتفقد أَرْضَكَ، حتفقد الشَالِيهِ اللِّى فِي السَّاحِلِ الشَّمَالِي، حتفقد عَرَبِيتَكَ.

عِنْدَ الْمَوْتِ حتفتكر الْبِنْتِ اللِّي انته عَصَيْتُ رَبَّنَا عشانها، اهي دي برضه حتفقدها.

جَسَدُكَ اللِّي كُنْتَ مُهْتَمٌ بِيه طُولُ عُمْرِكَ، وَتَرُوحُ لِلدُّكْتُورِ، وَتَلْعَبُ رِيَاضَةَ، وَتَرُوحُ الْجِيمَ، وَتَعْمَلُ رِجِيمِ، خلاص حتفقده.

مَنْصِبُكَ اللِّي قَعَدت تُحَارِبُ طُولَ عُمْرِكَ عَشَان توصله راح منك

فَقَدْتُ زَوْجَتَكَ، أَوْلَادَكَ، كُلَّ حَاجَةٍ.

عشان كده الرسول سماه هادم اللذات

***********

مَرَّةٌ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِأَحَدِ الْعُلَمَاءِ: عِظْنِي، فَقَالَ لَهُ: لَسْتُ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ تَمُوتُ، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: لَيْسَ مِنْ آبَائِكَ أَحَدٌ إِلَى آدَمَ إِلَّا ذَاقَ الْمَوْتَ وَقَدْ جَاءَتْ نَوْبَتُكَ، فَبَكَى عُمَرُ لِذَلِكَ.

 

عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ كُلَّ لَيْلَةٍ فَيَتَذَاكَرْونَ الْمَوْتَ وَالْقِيَامَةَ وَالْآَخِرَةَ، ثُمَّ يَبْكُونَ كَأَنَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ جِنَازَةً.

بيبكوا كأنهم في ميتم، عمرك مرة قعدت انته وأصحابك وقعدتم تتكلموا عن الموت والقيامة والآخرة، طب امته آخر مرة قعدت تتكلم أو حتى تتذكر  الموت.

اوعي تَكُونُ مِنَ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، الْمُنْهَمِكُ فِي الدُّنْيَا، أَنَا عَاوْزَكَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي التَّائِبِ، لِحَدِّ مَا نوصل إن شاء الله إِلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ وَهُوَ  الْعَارِفِ اللي بيتمنى الْمَوْتَ عَشَان هوه مَوْعِدُ لِقَاءِ حَبِيبِهِ.

 

الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ كَانَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، كَانَ قَدْ حَفَرَ قَبْرًا فِي دَارِهِ، فَكَانَ يَنَامُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ، لِيَسْتَدِيمَ بِذَلِكَ ذِكْرُ الْمَوْتِ.

 السَّيِّدَةُ نَفِيسَةُ قَامَتْ بِحَفْرِ قَبْرِهَا بِيَدِهَا، الْقَبْرُ بِتَاعْهَا اللي احنا بنزوره ده، هيه اللى حفرته –رَحِمَهَا اللهُ وَرَضِي اللهُ عَنْهَا- وَكَانَتْ تَجْلِسُ فِي قَبْرِهَا لِتَقْرَأَ الْقُرْآنَ، حَتَّى خَتَمَتْ الْقُرْآنَ فِي قَبْرِهَا سِتَّةَ آلَافِ مَرَّةٍ.

 

لَقِى الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَجُلًا ؛ فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ : "كَمْ عُمُرُكَ؟
قَالَ الرَّجُلُ : سِتُّونَ سَنَةٍ.
قَالَ الْفُضَيْلُ : إِذَا أَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةٍ تَسِيرُ إِلَى اللهِ تُوشِكُ أَنْ تَصِلَ؟
فَقَالَ الرَّجُلُ : إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
قَالَ الْفُضَيْلُ : هَلْ تَعْرِفُ مَعْنَاهَا.
 ...
قَالَ: نَعَمْ أَعْرِفُ أَنِّي عَبْدَ اللهِ وَأَنِّي إِلَيْهِ رَاجِعٌ.
فَقَالَ الْفُضَيْلُ: يَا أَخِي، مَنْ عَرِفَ أَنَّهُ لِلهِ عَبْدٌ ، وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ ، فَلْيَعْلَمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَيْعْلَمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيَعِدَّ لِلسُؤَالِ جَوَابًا.
فَبَكَى الرَّجُلُ وَقَالَ مَا الْحِيلَةُ؟
قَالَ الْفُضَيْلُ: يَسِيرَةٌ.
قَالَ وَمَا هِي يَرْحَمُكَ اللهُ؟
قَالَ : تُحْسِنُ فِيمَا بَقِي ، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ مَا قَدْ مَضَى وَمَا بَقِي.
فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخَذْتَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ "

 

 **********

 

 

يَقُولُ ابْنُ الْمُعْتَزِ وكان مِنْ أُدَبَاءِ الْعَصْرِ الْعَبَّاسِيِّ : الْمَوْتُ كَسَهْمٍ مُرْسَلٌ إِلَيْكَ ، وَعُمْرُكَ بِقَدْرِ سَفَرِهِ نَحْوِكَ.

عِبَارَةٌ تَسْتَغْرِقُنِي مُنْذُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ: يُشَبِّهُ الْمَوْتَ بِالسَّهْمِ، هَذَا السَّهْمُ انْطَلَقَ مِنْ أَوَّلِ مَا اتْوَلَدْتُ، وَكُلُّ يَوْمٍ بِيْعَدِّي، كُلُّ دَقِيقَةٍ، السَّهْمُ عَمَّال يُقَرِّبُ مِنَّكَ، لَمَّا السَّهْمُ يَصِلُكَ سَتَنْتَهِي حَيَاتُكَ.

يَعْنِي أَنَا قَاعِدٌ دِلْوَقْتِي السَّهْمُ مُتَّجِهٌ نَحْيْتي، وَحَضْرِتَكْ قَاعِد دلوقتي السهم عمال يقترب منك، حيوصل امته، مَا حَدِّشْ يَعْرِفُ، بس حيوصل حيوصل (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)

 

يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصَرِيُّ "يَا بْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ فَإِنْ ذَهَبَ يَوْمُكَ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُكَ وَيْوشِكَ إِذَا ذَهَبَ الْبَعْضُ أَنْ يَذْهَبَ الْكُلُّ".

لِذَلِكَ تَجِدُ مِنَ التَّعْبِيرَاتِ الْمَشْهُورَةِ يَقُولَّكَ الْبَنِي آدَمَ دَه نَفَسٌ، كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْكَ نَفَسٌ بتقترب خطوةً إِلَى الْمَوْتِ.

 

قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا كَرَجُلٍ مَادَّ عُنُقَهُ وَالسَّيْفُ عَلَيْهِ يَنْتَظِرُ مَتَى تُضْرَبُ عُنُقُهُ.

 

 يُرْوَى أَنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ -رَحِمَهُ اللهُ- أَقَامَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ قَالَ لِأَحَدِهِمْ: تَقَدَّمْ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي إِنْ صَلَّيْتُ بِكُمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمْ أُصَلِّ بِكُمْ غَيرَهَا، فَقَالَ مَعْرُوفٌ: وَأَنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ أَنَّكَ تُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَي نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ طُولِ الْأَمَلِ.

  

شَقِيقُ الْبَلْخِيُّ كَانَ مِنْ أَعْلَامِ التَّصَوُّفِ السُّنِّيِّ ذَهَبَ إِلَى أُسْتَاذٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وهو شايل حاجة في ايده كده لاففها،  فَقَالَ لَهُ أُسْتَاذُهُ: مَا هَذَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ تَمْرَاتٍ دَفَعَهَا إِلَيَّ أَخٌ لِي وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تَفْطِرَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا شَقِيقُ، وَأَنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ أَنَّكَ تَبْقَى إِلَى اللَّيْلِ، لَا كَلَّمْتُكَ أَبَدًا، قَالَ: فَأَغْلَقَ الْبَابَ فِي وَجْهِي وَدَخَلَ.

  يَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِنَّمَا عُمِّرَتْ الدُّنْيَا بِقِلَّةِ عُقُولِ أَهْلِهَا.

تعرف ان عَدَدَ الْوَفِيَاتِ فِي الْعَالَمِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ 155000 بنى آدم، وَتلاقي على النت مواقع بتراقب تعداد سكان العالم، تلاقي عَدَّادًا خَاصًا بِالْمَوَالِيدِ، وَعَدَّادًا خَاصًّا بِالْوَفِيَاتِ، عَدَّادًا عَامِل زي عداد التاكسي، بص كده في العداد الخاص بالوفيات، حتلاقي الأرقام بتجري ما تلحقش تشوفها، كل دول بيموتوا دلوقتي 155000 في اليوم الواحد

 

طب بص في الرقم القومي بتاعك: حتلاقي اسمك واسم والدك واسم جدك ويمكن أبو جدك، طب وفين اسم جد جدك، مش موجود، خلاص اتمحي، حضرتك برضه، بعد كام سنة اسمك حيختفي مش حيبقاله وجود

 

الأرض دلوقتي فيها حوالى 7 مليار بنى آدم، بعد ميت سنة السبعة مليار دول مش حيبقوا موجودين، حيكونوا في بطن الأرض بعد ما كانوا على وش الأرض

 

مرة كنتُ باصلى في مسجدِ الرفاعِي، هذا المسجد يطلق عليه "مَثْوَى الْمُلَوكِ" لإن فيه قبور أسرة محمد على، بعد ما صليت قعدت الف في المسجد أتفرج عليه، هوه تحفة أثرية، كان سنى 15   16 سنة، وما كنتش أعرف وقتها  ان فيه أي قبور أصلًا، المهم وأنا باتفرج لقيت أودة دخلت فيها، لقيت فيها قبور، بصيت على الأسماء اللى مكتوبة على القبر، فوجئت بهذه الأسماء: ابراهيم باشا بن محمد على، الَّذِي لَمْ يُهزَمْ فِي أَيِّ مَعْرَكَةٍ حَرْبِيَّةٍ، وَالْخِدِيوي إِسْمَاعِيل، وعباس الأول، والسلطان حسين كامل، والملك فؤاد، والملك فاروق، شاه إيران، ده غير طبعًا كثير من الأمراء والأميرات.

كُلُّ هَؤُلَاءِ كانوا ملأ السمع والبصر، كانوا بيحكموا مصر والسودان والشام، وكان مَصِيرُهُمْ إِيه؟ مَصِيرُهُمْ قَبْرٌ، زي ما بنقول متر في متر، وحتى القبر ما كانش فيه بنى آدم واحد واقف، كنت لوحدي تمامًا

 كُلُّ بَاكٍ فَسَيَبْكِي وَكُلُّ نَاعٍ فَسَيُنْعَى
وَكُلُّ فَخُورٍ سَيَفْنَى وَكُلُّ مَذْكُورٍ سَيُنْسَى
لَيْسَ غَيْرُ اللهِ يَبْقَى                                 مَنْ عَلَا فَاللهُ أَعْلَى.

 

  نَبِيُّ اللهِ إِدْرِيسُ –عَلَيْهِ السَّلَامَ- أَحَبَّ أَنْ يَرَى السَّمَاوَاتَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، حَتَّى يَزْدَادُ شَوْقُهُ لِلْجَنَّةِ وَيَعْظُمُ خَوْفُهُ مِنَ النَّارِ، فَحَمَلَهُ أَحَدُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى جِنَاحِهِ، وَصَعَدَ بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، وَفِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَجَدَ مَلَكَ الْمَوْتِ وَهُوَ يَتَعَجَّبُ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي يَحْمِلُ إِدْرِيسَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: مِمَّ تَتَعَجَّبُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: بُعِثْتُ وَقِيلَ لِي اقْبِضْ رُوحَ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَكَيْفَ أَقْبِضُ رُوحُهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ؟! وَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا طَرْفَةُ عَيْنٍ،  نَظَرَ الْمَلَكُ إِلَى تَحْتِ جِنَاحِهِ إِلَى إِدْرِيسَ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ، فَهَذَا هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ((وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا))

 

ذُكِرَ أَنَّ وَزِيرًا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوودَ –عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- كَانَ جَالِسًا عِنْدَ سُلَيْمَانَ فِي مَجْلِسِهِ فِي الضُّحَى، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ هَذَا الرَّجُلُ يَتَحَدَّثُ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَحِدُّ النَّظَرُ لِلوَزِيرِ، فَتَعَجَّبَ الْوَزِيرُ.

فَلَمَّا خَرَجَ: قَالَ الرَّجُلُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ هَذَا الرَّجُلِ؟

فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ، يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ رَجُلٍ وَيَدْخُلُ عَلَىَّ