Untitled Document

عدد المشاهدات : 1658

حلقة تليفزيونية (برنامج رَقَائِقُ اَلْفَتْحِ- الحلقة الثانية والْعِشْرُونَ) القبر

رَقَائِقُ اَلْفَتْحِ

اَلْحَلَقَةُ الثانية والعشرون- القبر

* * *

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَسَمَ بِالْمَوْتِ رِقَابَ الْجَبَابِرَةِ، وَكَسَرَ بِهِ ظُهُورَ الْأَكَاسِرَةِ، وَقَصَرَ بِهِ آمَالَ الْقَيَاصِرَةِ، الَّذِينَ لَمْ تَزَلْ قُلُوبُهُمْ عَنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ نَافِرَةً، حَتَّى جَاءَهُمْ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَأَرْدَاهُمْ فِي الْحَافِرَةِ، فَنُقِلُوا مِنَ الْقُصُورِ إِلَى الْقُبُورِ، وَمْنْ ضِيَاءِ الْمُهُودِ إِلَى ظُلْمَةِ اللُّحُودِ، وَمِنْ الْمَضْجَعِ الْوَثِيرِ إِلَى الْمَصْرَعِ الْوَبِيلِ،وَمِنَ التَّنَعُمِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَى التَّمَرُّغِ فِي التُّرَابِ،

فَانْظُرْ هَلْ وَجَدُوا مِنَ الْمَوْتِ حِصْنًا وَعِزًّا،

وَانْظُرْ ((هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُ رِكْزًا))

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ،

فَجَدِيرٌ بِمَنِ الْمَوْتُ مَصْرَعُهُ، وَالتُّرَابُ مَضْجَعُهُ، وَالدُّودُ أَنِيسُهُ، وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ جَلِيسُهُ، وَالْقَبْرُ مَقَرُّهُ، وَبَطْنُ الْأَرْضِ مُسْتَقَرُّهُ، وَالْقِيَامَةُ مَوْعِدُهُ، وَالْجَنَّةُ أَوْ النَّارُ مَوْرِدُهُ، أَلَا يَكُونُ لَهُ فِكْرٌ إِلَّا فِي الْمَوْتِ، وَلَا ذِكْرٌ إِلَّا لَهُ، وَلَا اسْتِعْدَادٌ إِلَّا لِأَجْلِهِ.

وَقَدْ قَالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ"

"الْكَيِّسُ" يَعْنِي الْعَاقِلُ، الْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ "مَنْ دَانَ نَفْسَهُ" يَعْنِي حَاسَبَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ

* * *

 

وقد يدأنا فِي اللِّقَاءِ قبل السَّابِقِ حديثنا عَنْ الْمَوْتِ، تعالوا نستكمل الرحلة، الرحلة الى الآخرة، تكلمنا عن سكرات الموت، ماذا أيضًا ؟

هناك مشاهدة صورة ملك الموت

ومَلَكَ الْمَوْتِ لَا يَظْهَرُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَظْهَرُ لِلْمُؤْمِنِ فِي صُورَةٍ، وَلِلْفَاجِرِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى.

رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي صُورَتَكَ الَّتِي تَقْبِضُ عَلَيْهَا رُوحَ الْفَاجِرِ؟ قَالَ: لَا تَطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: بَلَى، قال ملك الموت: فَأَعْرِضْ عَنِّي، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، نَتِنُ الرِّيحِ، يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ وَمنَاخِيرِهِ لَهِيبُ النَّارِ وَالدُّخَانُ، فَغُشِيَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ –عَلَيْهِ السَّلَامُ- ثُمَّ أَفَاقَ؛ وَقَدْ عَادَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى صُورَتِهِ الْأُولَى، فَقَالَ:

يَا مَلَكَ الْمَوْتِ لَوْ لَمْ يَلْقَ الْفَاجِرُ عِنْدَ الْمَوْتِ إِلَّا صُورَةَ وَجْهِكَ لَكَانَ حَسْبُهُ ثُمَّ قَالَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: هَلَّ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي صُورَتَكَ الَّتِي تَقْبِضُ عَلَيْهَا رُوحَ الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: فَأَعْرِضْ عَنِّي، فَأَعْرَضَ، ثُمَّ الْتَفَتَ؛ فَإِذَا هُوَ بِشَابٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ، حَسَنِ الثِّيَابِ، طَيِّبِ الرِّيحِ، فَقَالَ:

يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، لَوْ لَمْ يَلْقَ الْمُؤْمِنُ عِنْدَ الْموَتِ إِلَّا صُورَتَكَ لَكَانَ حَسْبُهُ.

* * *

إِذَنْ، قَبْلَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، أو مع سَكَرَاتِ الْمَوْتِ تَكُونُ رُؤْيَةُ مَلَكِ الْمَوْتِ، سَوَاءً بِصُورَتِهِ تِلْكَ الْحَسَنَةِ لِلْمُؤْمِنِ، أَوْ بِصُورَتِهِ الْقَبِيحَةِ لِلْفَاجِرِ.

تَعَالَوا نعيش مَعًا حَدِيثَ الْبَرَّاءِ بْنِ عَازِبٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-

وهو الحديث الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنِّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ

وَهُوَ الْحَدِيثُ الْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ –كَمَا يَقُولُ الْعُلَمَاءُ-

 

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ –يعنى يضرب به في الأرض، وذلك فعل المفكر المهموم- فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ (اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا –بعنى قال ذلك مرتين أو ثلاثلًا-

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، الحنوط هو الطيب الذي يوضع في كفن الميت وجسده، سواء كان مسك أو كافور أو عنبر حتى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ -عليه السلام- حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ، قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ -يعنى تخرج روحه بسهولة ويسر، كما يصب الماء من قربة الماء، لو فيه ازازة ميه وبتكب الميه، أهي خروج روح المؤمن زي الميه اللى بتنزل من ازازة الميه، يعنى تخرج بانسياب وسلاسة وسهولة ويسر، حتقولى طيب ما احنا الحلقة السابقة تكلمنا عن شدة سكرات الموت، أقول لك نعم، اذا خرجت روح المؤمن بتعب ومشقة، فهذا يرفع درجته عند الله عز وجل، وهو تكفير لبقايا ذنوب كانت عليه، حتى يلقى الله تعالى بلا ذنب واحد

فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ, حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ

 

 

وبرغم أن هذه الرائحة المفروض لا يشمها أحد، هي رائحة خاصة بعالم البرزخ، ومع ذلك هناك قصص كثيرة عند موت أحد الصالحين، يحدث أن تصدر منهم رائحة لا مثيل لهم، حتى أن أحد المغسلين، كان يغسل أحد الصالحين فاشتم رائحة طيبة جدًا، لم يشم مثلها من قبل، لا هي بمسك ولا عنبر ولا كافور ولا شيء، فسأل الحاضرين هوه حد حاطط الريحة دي ؟ قالوله لأ، فوضع يده على جبين الميت ليتأكد، ثم وضعه على أنفه، فظلت الرائحة على أنفه ثلاثة ايام

يقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ  إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلانُ بْنُ فُلانٍ ! بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، يعنى يطلبون أن تفتح لهم السماء، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، ومعنى يشيع في اللغة يعنى رافقه تكريمًا له، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ

 فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ -وعِلِّيِّينَ جاية من العلو- وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ

فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ ! فَيَقُولان لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : دِينِيَ الإسلامُ ! فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولانِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ ! فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي , فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ , وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ , وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ , قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا , وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ .
قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ , حَسَنُ الثِّيَابِ , طَيِّبُ الرِّيحِ , فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ , هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ , فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ! فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ! فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ

 

قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا, وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ, نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمَسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ, ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ, فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ , فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السُّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ !

فَيَأْخُذُهَا , فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ , حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ, وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا،

فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : فلان بن فلان بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا , فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ , ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)

فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأرْضِ السُّفْلَى ! فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا , فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ , وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ , فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ , لا أَدْرِي ! فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ , لا أَدْرِي ! فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي !

فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ : أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ , وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ , فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا-ريحها الحارة- وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ -يدخل بعضها في بعض من شدة التضييق والضغطة

وفي رواية : ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ –المطرقة الضخمة التى يستعملها الحداد- لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا !

وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ, مُنْتِنُ الرِّيحِ, فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ, هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ! فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ! فَيَقُولُ  رَبِّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ

وَلِذَلِكَ يَشْخَصُ بَصَرُ الْمَيْتِ

وَمَعْنَى شَخِصَ الْبَصَرُ: يَعْنِي اتَّسَعَ دُونَ أَنْ يَطْرَفَ.

طَيِّب، هوه الميت بيشخص بصره ليه ؟ عشان بيشوف روحه وهيه طالعة، تخيل بيشوف روحه والملائكة شايلاها، ودي آخر نظرة ليه في الدنيا

يَقُولُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

«أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْإِنْسَانِ إِذَا مَاتَ شَخِصَ بَصَرُهُ، فَذَاكَ حِينَ يَتْبَعُ بَصَرُهُ نَفْسَهُ».

 * * *

رَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ الْجِنَازَةَ إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا، وَيَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا لَصَعِقَ»

يَعْنِي إِيه «قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي» يَعْنِي بِسُرْعَةٍ، اجْرُوا، تخيل عَاوِزْ أَدْخُلُ الْقَبْرَ، عشان عارف النعيم اللى حيكون فيه

وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، يَعْنِي يَا وَيْلَ نَفْسِي، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ رايحين فين، ويظل هَذَا الْإِنْسَانُ يَصْرُخُ فَوْقَ نَعْشِهِ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى قَبْرِهِ، وَهُوَ يَصْرِخُ، يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا، يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا