Untitled Document

عدد المشاهدات : 2848

الفصل الحادي والعشرون: أبناء الرسول من خديجة

أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

الجزء الثاني: من ولادة الرسول حتى مبعثه –صلى الله عليه وسلم 

الفصل الحادي والعشرون

أبناء الرسول من خديجة

 

تحدثنا في الفصل السابق عن زواج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أمنا العظيمة السيدة خديجة، وكيف أحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السيدة خديجة، وكيف كان وفاءه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها في حياتها وحتى بعد وفاتها

*********************************

قبر أمي

الحقيقة أن السيدة خديجة كما كان لها في قلب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكانة خاصة جدًا جدًا، فلها في قلب كل مسلم مكانة خاصة

أذكر أنني كنت في رحلة عمرة، وكنت في "مكة" وسألت أحد أهل مكة عن مكن دفن السيدة "خديجة" وأنا أعلم أنها –رضى الله عنها- في مقابر اسمها "الحجون" فقال لي الرجل: عاوز تعرف مكانها ليه، كأنه ينكر علىَّ رغبتى في زيارة قبرها، فما كان منى الا أن قلت له: عاوز أزور قبر أمي، فعاد وقال لي: لماذا ؟ فقلت له مرة أخري: أمي وأريد أن أزورها، فسكت

 

صورة لقبر أمنا خديجة قبل ازالة القباب سنة 1324 هـ

*********************************

أبناء الرسول من خديجة

رزق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة خديجة بستة من الأبناء: ولدين وأربعة بنات: وهم بالترتيب:

أولًا: القاسم، وبه كان يكنى، فالرسول كان يكنى بأبا القاسم

ثم "زينب" وكان يقال "زينب الكبري" حتى نميز بينها وبين بنت اختها زينب بنت السيدة فاطمة

ثم "رقية" ثم "أم كلثوم" ثم "فاطمة" ثم "عبد الله"

 

 

وكل هؤلاء أنجبهم الرسول قبل البعثة، أي قبل أن يبلغ الأربعين عامًا، باستثناء ابنه "عبد الله" الذي أنجبه بعد البعثة، ولذلك لقب بالطاهر ولقب بالطيب

وكل أبناء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذين أنجبهم من السيدة خديجة، باستثناء ابنه ابراهيم الذي أنجبه بعد ذلك من زوجته "مارية"

 

*********************************

لماذا فقد الرسول ستة من أبناءه ؟

بناءه

 

وكان أول ما عكر صفو هذا البيت الطاهر المبارك هو وفاة "القاسم" أول أبناء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد مات القاسم وعمره لم يكن قد تجاوز العامين

وقد رزق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسبعة من الأبناء، فقد منهم بالموت ستة في حياته ! لماذا ؟

أولًا: فقدان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لستة من أبناءه، عزاء لكل من فقد ابن له أو حتى أكثر من ابن

ثانيًا: لأن فقدان الولد هو لون من ألوان الابتلاء، بل من أشد أنواع الابتلاء، وأَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، وحتى نتعلم كيف كان صبر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على هذه المصيبة التى تكررت ستة مرات، وكيف تعامل معها

ونحن نري من فقد ابن له تتغير حياته تمامًا، ويعيش في دائرة من الحزن لا يخرج منها، وقد فقد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ستة من أبناءه ومع ذلك لم يؤثر هذا على أدائه لدوره في تحمل مسئولية البشرية كلها

فقد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ستة من أبناءه، حتى نعلم أن الدنيا ليست ثوابًا لمؤمن ولا عقابًا لكافر

 

الدنيا ليست ثوابًا لمؤمن ولا عقابًا لكافر

معنى آخر رائع ذكره الشيخ "محمد الغزالي" في كتابه الماتع "فقه السيرة"

 

محمد الغزالى

يقول رحمه الله: وكأن الله أراد للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجعل الرقة الحزينة جزءًا من كيانه، فان الرجال الذين يسوسون الشعوب لا يجنحون الى الجبروت الا اذا كانت نفوسهم قد طبعت على الفسوة والأثرة، وعاشت في أفراح لا يخامرها كدر، أما الرجل الذي خبر الآلام فهو أسرع الناس الى مواساة المحزونين ومداواة المجروحين

*********************************