Untitled Document

عدد المشاهدات : 1855

الفصل التاسع عشر: لقاء ورقة بن نوفل

أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

الجُزْءُ الثَالِث: مِنْ نُزُول الوَحْي حَتَى الهِجْرَة (مَرْحَلَة الدَعْوَة المَكِيَة)

الفصل التاسع والعشرون

لقاء "ورقة بن نوفل"

 

*********************************

السيدة "خديجة" تثبت قلب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

نزل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد لقاء جبريل من غار حراء وهو يرتجف من شدة الخوف، والمسافة من الغار الى بيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  مسافة كبيرة، فالجبل ارتفاعه أكثر من ستمائة متر، والمسافة من الجبل الى مكة حوالى خمسة كيلو مترات

 

نزل الرسول من غار حراء وهو يرتجف

وقطع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذه المسافة الكبيرة مسرعًا وهو يرتجف من شدة الخوف، واتجه الى بيته مباشرة، ورأته السيدة خديجة هكذا، فقالت له: مالك يا ابن العم ؟ فقال الرسول: زملوني زملوني، أي غطوني غطوني، وقص الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على السيدة خديجة  ما حدث، ثم قال لها: قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي

يعنى أنا خائف على نفسي، يعنى خائف أن يكون ما حدث معناه اني اصبت بشيء في عقلي

فأجابت السيدة خديجة لرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الفور وقالت له:

كَلَّا وَاللَّهِ ‏‏مَا يُخْزِيكَ ‏اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ ‏ ‏الْكَلَّ، ‏ ‏وَتَكْسِبُ ‏ ‏الْمَعْدُومَ، ‏ ‏وَتَقْرِي ‏ ‏الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى ‏ ‏نَوَائِبِ ‏ ‏الْحَقِّ

انظر الى أخلاق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصفاته العظيمة قبل البعثة

وانظر الى سلامة الفطرة عند السيدة خديجة عندما أكدت للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الله تعالى لن يتركه وسيكون الى جواره، لماذا، لأنه دائمًا يقف الى جوار أي محتاج، والجزاء من جنس العمل

كما قال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته"

*********************************

"ورقة بن نوفل" مبشر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

ذهبت السيدة خديجة بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى ابن عمها "ورقة بن نوفل" وقد تحدثنا عن "ورقة بن نوفل" من قبل في الجزء الأول، وقلنا أن "ورقة بن نوفل" و "زيد بن عمرو بن نفيل" كانا يرفضان عبادة الأوثان، وخرجا الى الشام، وجلسا الى علماء النصاري، واقتنع "ورقة بن نوفل" بالنصرانية وتنصر، وقرأ كثيرًا في كتب النصاري، ليس هذا فحسب بل تعلم السُرْيَانية والعبرية حتى يوسع دائرة قرءاته في المسيحية، وأصبح من أكبر علماء النصاري

 

تعلم "ورقة" السُرْيَانية والعبرية وأصبح من أكبر علماء النصاري

انطلقت السيدة خديجة بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى ابن عمها "ورقة بن نوفل" وكان "ورقة" قد تعدي عمره المائة عام، وكان قد فقد بصره بسبب تقدم العمر، وبسبب كثرة القراءة

قالت السيدة خديجة لإبن عمها "ورقة بن نوفل": أي عم، اسمع من ابن أخيك

فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا تري ؟

فقص عليه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما حدث، وورقة يستمع، ثم قال ورقة:

هَذَا ‏النَّامُوسُ‏ ‏الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى‏ ‏مُوسَى، ‏‏يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ

 

قال "ورقة" هَذَا ‏النَّامُوسُ‏ ‏الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى‏ ‏مُوسَى

الناموس، هو جبريل –عليه السلام- فالناموس هو أحد أسماء جبريل –عليه السلام- كما أن من أسمائه "الروح القدس" و"ورقة" قال " النَّامُوسُ‏ ‏الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى‏ ‏مُوسَى" ولم يقل "عيسي" لأن النصاري لا تعتقد أن عيسي نبي نزل عليه الوحي، وانما هو اله أو هو في مرتبة بين اللإه والنبي

يا ليتني فيه جذعًا: يعنى يا ليتني كنت شابًا، لأنه يغادر الحياة والرسالة في بدايتها

لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ: يعنى يا ليتنى أكون حيًا في هذه الفترة، وهو وقت الهجرة، وهذا يدل أن حتى أحداث الهجرة مكتوبة في كتب أهل الكتاب قبل تحريفها  

يقول الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متعجبًا: ‏‏أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ يعنى لماذا يُطْرَد خارج بلده، وقد جاء لهم بالدين الحق، وجاء لهم بما يخرجهم من الظلمات الى النور

فيقول له ورقة بن نوفل: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا ‏مُؤَزَّرًا

وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ: يعنى لو امتد  بيَّ العمر حتى تبعث، لأنصرك بكل ما أملك، لأن الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى هذه اللحظة لم يؤمر بتبليغ الرسالة، فهو قد نزل عليه قرآن، ولكن لم يؤمر بتبليغ هذا القرآن

*********************************

قبل "ورقة" رأس النبي ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وانصرف النبي ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

 

قبل "ورقة" رأس النبي ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وانصرف النبي

*********************************

وفاة "ورقة" مباشرة بعد لقاء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

ولم تمر الا أيام قليلة بعد هذا اللقاء حتى تُوفي "ورقة" وقد قلنا أن عمره كان قد تعدي المائة عام، وكأن الله تعالى قد مد عمر "ورقة" حتى يقوم بهذا الدور الهام جدًا، وهو تثبيت قلب النبي ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أول يوم من أيام نزول الوحي عليه ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

*********************************

مكانة "ورقة بن نوفل"

وقد سألت السيدة خديجة الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك عن "ورقة بن نوفل" وقالت له: أنه مات قبل أن يؤمر الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتبليغ الرسالة ؟ فقال لها الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "رأيته في المنام وعليه ثياب بيض" وقال أيضًا الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "رأيت لورقة جنة أو جنتين"

*********************************

"ورقة" أول من آمن بالرسول

هناك أراء للعلماء في أول من آمن بالرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالبعض يقول "خديجة" والبعض يقول "أبو بكر" والبعض يقول "على بن ابي طالب" ونحن نقول أن أول من آمن بالرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو "ورقة بن نوفل" وقد وصل "ورقة بن نوفل" لهذه المنزلة بفضل العلم، بفضله دراسته وتعلمه اللغات وقرائته حتى فقد بصره من كثرة القراءة

*********************************

بعد ذلك ينقطع الوحي على الرسول ‏-‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمدة أسابيع، وهي التى يطلق عليها علماء السيرة "فترة الوحي"

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************