Untitled Document

عدد المشاهدات : 3592

الفصل السابع بعد المائة: هجرة السيدة "زينب" بنت الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ السابع: الأحداث من "بدر" الى "أحد"

الفصل السابع بعد المائة

*********************************

هجرة السيدة زينب

بنت الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

 *********************************

  

 *********************************

سيرة السيدة زينب
السيدة زينب هي الإبنة الكبري للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمها هي السيدة خديجة، وقد ولدت قبل بعثة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعشر سنوات، أي أن عمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما ولدت "زينب" كان ثلاثين عامًا، أي أن الإنجاب قد تأخر عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والسيدة خديجة أكثر من أربعة سنوات
 وقد تزوجت السيدة "زينب" في سن مبكرة من ابن خالتها "أبي العاص بن الربيع" 
ثم كانت بعثة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسلمت السيدة زينب، وكانت –رضى الله عنها- من أوائل من أسلم، ولكن رفض زوجها "أبي العاص بن الربيع" أن يسلم، حتى لا يقول عنه قومه أنه ترك دينه ارضاءًا لزوجته
أنجبت السيدة "زينب" ولدًا وبنتًا: أنجبت "على" و"أمامة" ولكن مات "على" وهو طفل صغير، وكان أول حفيد للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينما عاشت "أمامة" وهي التى كان يحملها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصلاة، وتوفيت بعد ذلك في عهد معاوية في سنة 66 هـ
كانت السيدة زينب تحب زوجها "أبي العاص بن الربيع" وكان زوجها يحبها، وكان البيت –كما نقول الآن- بيتًا سعيدًا، ولكن تعكر صفو هذا البيت كثيرًا، وتوترت العلاقة بين الزوجين بعد بعثة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واسلام السيدة زينب، بينما أصر "أبو العاص بن الربيع" على أن يظل على الوثنية
عندما جاء الأمر بالهجرة، بقيت السيدة زينب مع زوجها وابنتها في مكة، حتى كانت غزوة بدر، وخرج زوجها "أبي العاص بن الربيع" مع قريش لمحاربة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهكذا وجدت السيدة زينب نفسها في موقف شديد الدقة لأن زوجها يحارب أبيها

صاحبة القلادة
ووقع "أبي العاص بن الربيع" أسيرًا في أيدي المسلمين، فأرسلت السيدة زينب في فداء زوجها قلادة كانت قد أهدتها اليها أمها العظيمة السيدة خديجة، فلما رآها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رق لها رقة شديدة، وقال: 
- إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا
فقالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوه دون فداء، ولذلك لقبت السيدة زينب بصاحبة القلادة
ولكن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ على "أبي العاص بن الربيع" عهد أن يرسل اليه ابنته السيدة "زينب" وابنتها "أمامة" عندما يصل الى مكة، لأن الله تعالى قد أنزل حكم التفريق بين الزوجين المسلم والكافر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
السيدة "زينب" تودع مكة
اتفق الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع "أبي العاص بن الربيع" أن يوصل "زينب" الى مكان اسمه "بَطْنِ يَأْجَجَ" وهو يبعد عن مكة حوالى 13 كم، وأرسل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "زيد بن حارثة" وصحابي آخر، لينتظرا "زينب" في هذا المكان ، وقال لهما:
- كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ, حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا, حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا
وصل "ابي العاص بن الربيع" الى مكة، ولكن قبل أن تفرح السيدة "زينب" بوصول زوجها ونجاته من الأسر، أخبرها "أبو العاص بن الربيع" بأنه قد عاهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أن يرسلها الى المدينة هي وابنتها أمامة، ولذلك قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  بعد ذلك عن أبي العاص بن الربيع "حدثني فصدقني ووعدني فوفي لي"
كان الموقف شديد الصعوبة على الزوجين، لدرجة أن "أبو العاص بن الربيع" لم يتحمل أن يرافق زوجته بنفسه الى "بَطْنِ يَأْجَجَ"، فأرسل أخوه "عمرو بن الربيع" ليصحب السيدة زينب الى "بَطْنِ يَأْجَجَ"
و كان عمر السيدة "زينب" في ذلك الوقت 25 عامً

أخبر "أبو العاص" السيدة زينب أنه قد عاهد النبي على أن يرسلها الى المدينة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قريش تعترض طريق السيدة زينب
ولكن علمت قريش بخروج "زينب" فخرج نفر من قريش ليعترضوا طريقها ويمنعوها من الخروج من مكة، مع ان بقية بنات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما أردن الهجرة لم يعترضهن أحد، ولكن توقيت خروج السدة زينب كان بعد بدر بشهر واحد تقريبًا، والنفوس في قريش مشتعلة
كانت السيدة "زينب" في داخل هودج على بعير، والهودج هو المحمل الذي يوضع على ظهر الجمل لتركب فيه النساء، وحاول "عمرو بن الربيع" أن يدفع قريش عن بعير السيدة زينب، ولكنه لم يقدر عليهم
وكان من قريش رجل أسمه "هَبّار بن الأسود" وكان "هبّار" هذا من أشد قريش عداوة للإسلام، وكان أخويه، وابن أخيه قد قتلا في بدر، فأخذ "هَبّار" يضرب البعير الذي عليه السيدة زينب برمحه، حتى سقط الهودج الذي فيه السيدة زينب، وسقطت السيدة زينب على الأرض سقطة شديدة، وكانت –رضى الله عنها- حامل فسقط جنينها، وسالت منها الدماء 
تأثرت السيدة زينب بهذه السقطة صحيًا تأثرًا كبيرًا، وظلت تعاني بسببها سنوات طويلة، حتى يقال أنها ماتت بعد هذا الموقف بحوالى سبعة أعوام تأثرًا بهذه السقطة
عندما سقطت السيدة زينب، نثر "عمرو بن الربيع" كنانته، وقال "والله لا يدنو رجل منها إلا وضعت سمها في نحره، وكان "عمرو بن الربيع" معروف في قريش بمهارته في رمي السهام
ثم جاء "أبو سفيان بن حرب" سيد قريش، وتحدث الى "عمرو بن ربيع" وقال:
- إنك لم تصب فيما صنعت فلقد خرجت بزينب علانية على رؤوس الناس، وقد عرفت العرب جميعها أمر نكبتنا في "بدر" وما أصابنا على يدي أبيها محمد، فإذا خرجت بابنته علانية – كما فعلت – رمتنا القبائل بالجبن ووصفتنا بالهوان والذل، فارجع بها، واستبقها في بيت زوجها أياما حتى إذا تحدث الناس بأننا رددناها فسلها من بين أظهرنا سرا، وألحقها بأبيها، فما لنا بحبسها عنه حاجة
رضى "عمرو بن الربيع" بذلك، وعاد الى مكة، وظلت السيدة زينب في بيت "هند بنت عتبة" لأن زوجها "أبو العاص بن الربيع" كان من بنى أمية، وكانت "هند بنت عتبة" لا تكف على أن تقول لها: هذا بسبب أبيك !
بعد عدة أيام خرج "عمرو بن الربيع" ليلًا بالسيدة زينب حتى أوصلها الى "زيد بن حارثة" والصحابي الآخر حتى قدمت الى مكة، واستقبلها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخواتها: السيدة أم كلثوم وفاطمة

جاء "أبو سفيان بن حرب" سيد قريش، وتحدث الى "عمرو بن ربيع"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

 جمل قصة حب في التاريخ

 

ظلت السيدة زينب في مكة أعوامًا، وتقدم للزواج منها الكثير، ولكنها كانت ترفض الزواج، وذلك لحبها الشديد لزوجها "ابي العاص بن الربيع" وأملها في ان يسلم وأن يعودا زوجين مرة أخري، حتى أسلم بالفعل "ابي العاص بن الربيع" بعد ستة أعوام من التفريق بينهما، وهجرة السيدة زينب، ويعودا زوجين مرة أخري، لتكون قصة حب السيدة زينب و"أبي العاص بن الربيع" من أجمال واروع وأطهر قصص الحب في التاريخ

قبور بنات الرسول بالبقيع، من اليمين: زينب - أم كلثوم - رقية
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

 

العفو عن "هَبّار بن الأسود"
قبل أن نترك قصة هجرة السيدة "زينب" نقول أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد تألم كثيرًا لما حدث لإبنته السيدة "زينب" وفقدها لجنينها، وأمر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصحابة بقتل "هَبّار بن الأسود" الذي تسبب في سقوط السيدة "زينب" اذا ظفروا به في أي سرية، وكان واحدًا من خمسة عشر اسمًا أمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتلهم بعد فتح مكة
ولكن بعد فتح مكة فر "هَبّار بن الأسود" حتى دخل يومًا الى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في مسجده، فقال الصحابة: 
- يا رسول الله هذا هَبّار بن الأسود !
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: 
- قد رأيته
وأراد بعض القوم القيام اليه ليقتلوه، فأشار اليهم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجلسوا، حتى وقف "هبار" أمام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال:
- السلامُ عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، لقد هربتُ منك في البلاد يا رسول الله، وأردتُ اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت فضلك وبرّك وصَفْحَك عمّن جهل عليك، فاصفَح عن جهلي وعما كان يبلغك عَنّي، فإني مُقرٌ بسوأتي معترف بذنبي 
يقول الصحابة، وأخذ "هبار" يعتذر ويعتذر، والرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يطرق رأسه حياءًا من كثرة اعتذار هبّار وهو يقول:
- الإسلام يجب ما كان قبله

أخذ "هبار" يعتذر والرَسُولُ يطرق رأسه حياءًا من كثرة اعتذاره
*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************