Untitled Document

عدد المشاهدات : 2338

الفصل الحادي والعشرون بعد المائة: معركة أحد- الجزء الرابع - خطة المعركة والجيشان في المواجهة

   أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ التاسع: معركة "أحد"

الفصل الحادي والعشرون بعد المائة

*********************************

معركة أحد- الجزء الرابع

خطة المعركة

والجيشان في المواجهة

 *********************************

 

 *********************************

خطة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

انسحب رأس المنافقين "عبد الله بن أبي بن سلول" وانسحب معه ثلاثمائة مقاتل، وبانسحاب هذا العدد الكبير من جيش المسلمين أصبح عدد الجيش سبعمائة فقط، وكان عدد قريش ثلاثة الاف، أي أكثر من اربعة أضعاف المسلمين، وهذه أكبر من نسبة تفوق أعداد المشركين في بدر، كما أن جيش قريش يتفوق على جيش المسلمين في عدد الفرسان والدروع

ووضع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطة يستطيع بها التقليل من آثار تفوق قريش الكبير جدًا على المسلمين سواء من ناحية عدد المقاتلين أو عدد الفرسان، وكانت الخطة تعتمد على أربعة أمور وهي:

-        أولًا أن يكون جبل أحد خلف وعن يسار المسلمين، ومن ثم لا يستطيع جيش قريش تطويق المسلمين

-        ثانيًا: أن يكون هناك عدد من الرماة على الجبل على يسار المسلمين يقومون برمي السهام في اتجاه خيل المشركين، وبذلك يقلل من آثار امتلاك قريش لعدد كبير من الفرسان، لأن الخيل تخاف وتتراجع أمام السهام

-        ثالثًا: أن يقف المسلمون صفا واحدًا في أضيق مسافة بين جبل الرماة وجبل أحد، وهي مسافة حوالى 650 متر، وبذلك تحارب قريش المسلمون بنفس عددهم تقريبًا، ويستطيع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التقليل من آثار التفوق العددي لجيش قريش

-        رابعًا: أن يكون هناك مكان آمن في الجبل يمكن أن ينسحب اليه المسلمون، اذا وقعت الهزيمة بالمسلمين، ولا يلجئوا الى الفرار من أمام العدو، فيتعرضوا للقتل أو الى الأسر

تمركز الرسول في أفضل مكان في أرض المعركة

سار الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجيشه في اتجاه جبل أحد -وهو يبعد عن المدينة حوالى 4 كيو متر فقط

وقيل أن فيه قبر هارون أخي موسى –على نبينا وعليهما الصلاة والسلام- لأنه قدما حاجين أو معتمرين فمات هارون في هذا المكان، فدفنه موسى هناك-

وكان جيش قريش بين جيش المسلمين وأحد، فسار الجيش من خلال بعض المزارع حتى وصل الى جبل أحد، وكل ذلك كان في الليل وقبل طلوع الصبح

 وصل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى جبل أحد وتمركز بجيشه بحيث أصبحت المدينة في وجه الجيش، وجبل أحد في ظهر الجيش وعلى يمينه، وجزء من الجبل على يسار الجيش وهو الجزء من الجبل الذي سيقف عليه الرماة، وجيش مكة أصبح فاصلًا بين المسلمين والمدينة

هكذا احتل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل موضع من ميدان المعركة، بالرغم من أنه جاء اليه بعد العدو، ومع أن جيش قريش فيه الداهية "أبو سفيان بن حرب" وفيه العبقرية العسكرية الفذة "خالد بن الوليد"

 

تمركز الرسول في افضل مكان في أرض المعركة

وصية الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للرماة

كون الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصيلة من الرماة الماهرين قوامها خمسون مقاتلًا، وأعطي قيادتها الى "عبد الله بن جبير" وكان الهدف –كما ذكرنا- هو تخويف كتيبة الفرسان بحيث لا تستطيع الاشتراك في المعركة، فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للرماة:

-        انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، فإن الخيل لا تقدّم على النبل، إنا لن نزال غالبين ما مكثتم مكانكم، اللهم إني أشهدك عليهم

كان أكثر ما يخشاه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من جيش قريش هو كتيبة الفرسان بقيادة "خالد بن الوليد" ولذلك شدد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الرماة بعدم ترك أماكنهم تحت أي ظرف، سواء تحقق النصر للمسلمين أو الهزيمة وقال لهم:

-        إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم‏

الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحفز الجيش

جاء صباح يوم السبت السابع من شوال من السنة الثالثة من الهجرة،، وأصبح الجيشان يري بعضهم البعض، ثم أذن بلال للصلاة، وصلى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصبح بالمسلمين، ثم خطب فيهم، وحثهم على الجهاد والصبر في القتال، وأخذ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ينفث في الصحابة روح الحماسة والبسالة

ثم أخرج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سيفًا ونادي أصحابه:

-        من يأخذ هذا السيف بحقه ؟

فقام اليه رجالًا ليأخذوه منهم "على بن أبي طالب" و"عمر بن الخطاب" و"الزبير بن العوام" وطلبه الزبير ثلاثة مرات حتى قام إليه "أبو دُجَانة" فقال‏:‏ وما حقه يا رسول الله ‏؟‏ قال‏:‏ ‏" أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني"‏‏ .‏ قال‏:‏ أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه

فلما أخذ "أبو دجانة" السيف من الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرج عصابة حمراء وعصب بها رأسه، وهكذا كان الشجعان من العرب يضعون علامة يعلمون بها أنفسهم، وكأنهم يتحدون أعدائهم

 

أخذ "أبو دجانة" السيف من الرَسُولُ وعصب رأسه بعصابة حمراء

"أبو سفيان" يعبأ جيش مكة

على الجانب الآخر كان أبو سفيان يحاول تعبئة جيش مكة، وقال لحملة اللواء من بنى عبد الدار:

-        يا بني عبد الدار ! قد وليتم لواءنا يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه‏ .

ونجح "أبو سفيان" في استفزاز بنى عبد الدار، فغضبوا عندما قال لهم ذلك أشد الغضب وقالوا:

-        نحن نسلم إليك لواءنا ‏؟‏ ستعلم غداً إذا التقينا كيف نصنع !

 

قريش تحاول ايقاع الفرقة بين صفوف المسلمين

وبالرغم من التفوق العددي الكبير جدًا كانت قريش تشعر بالخوف الشديد من المسلمين، ولذلك حاولت قريش ايقاع الفرقة والنزاع بين صفوف المسلمين، فخرج "أبو سفيان" واقترب من جيش المسلمين ونادي:

-        يا معشر الأوس والخزرج خلوا بيننا وبين بني عمنا وننصرف عنكم، فلا حاجة لنا الى قتالكم

ولكن الأنصار شتموه ولعنوه

 

خرج "أبو سفيان" واقترب من جيش المسلمين ونادي:

يا معشر الأوس والخزرج خلوا بيننا وبين بني عمنا وننصرف عنكم

محاولة قريش الثانية عن طريق "أبو عامر الفاسق"

قامت قريش بمحاولة ثانية فخرج الى جيش المسلمين رجل اسمه "أبو عامر الراهب" وكان من سادة الأوس، وكان ممن رفض الإسلام، وذهب الى مكة يؤلب على المسلمين، ووعدهم بأن قومه اذا رأوه أطاعوه، فأطلق عليه المسلمون "أبو عامر الفاسق" فلما خرج الى المسلمين نادي قومه وقال: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر الراهب، فقال له الأوس: بل أنت أبو عامر الفاسق، فعاد أبو عامر الى قريش مخذولًا وهو يقول: لقد أصاب قومي بعدي شر

كانت هذه المحاولات تدل على خوف قريش من مواجهة المسلمين

وقامت نساء قريش تقودهن "هند بنت عتبة" بدورهن في تحريض قريش، فأخذن يتجولن بين الصفوف، وهن يضربن الدفوف، وينشدن الشعر

 

عاد أبو عامر الى قريش وهو يقول: لقد أصاب قومي بعدي شر

وتقارب الجيشان، وأصبحت المعركة على الأبواب، وهذا سيكون حديثنا في الفصل القادم