Untitled Document

عدد المشاهدات : 2128

الفصل الثاني والخمسون بعد المائة: غزوة الأحزاب- الجزء السادس- انسحاب الأحزاب وتحقق النصر

  أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ الحادي عشر: غزوة الأحزاب

الفصل الثاني والخمسون بعد المائة

*********************************

غزوة الأحزاب- الجزء السادس

انسحاب "الأحزاب" وتحقق النصر

 *********************************

 

*********************************

اقترب حصار الأحزاب للمدينة للشهر، وبدأت المناوشات بين الفريقين تقل، وتوقفت قريش ويئست من محاولاتها عبور الخندق

ونفذت مؤن قريش، لأنها لم تكن قد وضعت في حسابها أن تحمل معها مؤن تكفيها كل هذه المدة

وجاء نقض "بنى قريظة" للإتفاق مع قريش وغطفان فأحبط الكفار، بالرغم من أن الكفار جائوا للحرب دون اتفاق مع "بنى قريظة" ولكن أن يحقق الجيش ميزة ثم يفقدها فهذا يحبطه حتى ولو لم تكن معه هذه الميزة من أول الأمر

ثم أرسل الله تعالى على معسكر الكفار ريحًا شديدة باردة قاسية البرودة، فقلبت قدورهم وأطفئت نيراهم واقتلعت خيامهم، بينما كانت هذه الرياح هينة عند معسكر المسلمين ولم يكن بينهما الا عرض الخندق

 

كانت هذه الرياح هينة عند معسكر المسلمين ولم يكن بينهما الا عرض الخندق

وأراد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يرسل أحد الصحابة ويدخل الى داخل جيش الأحزاب، ويعلم ما فعل فيهم نقض "بنى قريظة" للإتفاق، وما فعلت فيهم الريح ونقص المؤن، فقال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

-        ألا رجل يأتني بخبر القوم

فلم يقم أحد من الصحابة، فقال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

-        أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فسكت الصحابة ولم يقم أحد، وردد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك ثلاثًا دون أن يجيبه أحد، فقال الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

-        قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم

يقول حذيفة:

-        فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ

فقال له الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

-        اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ

يعنى لا تقوم بأي عمل قتالى ضدهم، فقط تأتي بأخبارهم

يقول حذيفة

-        فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ

يعنى ذهب البرد الذي كان يشعر به، وشعر بالدفء كأنه في حمام، وهذه من معجزاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكرامة لحذيفة

فلما دخل حذيفة في الجيش رأي "أبو سفيان" فوضع سهمه في القوس وأراد أن يرميه، ثم تذكر قول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ" فلم يفعل

 

دخل حذيفة في الجيش ورأي "أبو سفيان" فأراد أن يرميه

ثم جلس "حذيفة" بين القوم، فسمع "أبو سفيان" يقول

-        يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه ؟

فأخذ "حذيفة"  بيد الرجل الذي كان إلى جانبه وقال له : من أنت ؟ قال : معاوية بن أبي سفيان، ثم أخذ بيد الرجل على الجانب الآخر وقال: من أنت ؟ قال: عمرو بن العاص،  ثم قال أبو سفيان :

-        يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون، فارتحلوا فإني مرتحل

عاد "حذيفة" الى الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول حذيفة "فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ" فوجد "حذيفة" الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلى، فلما انصرف الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من صلاته أخبره حذيفة، فلما اخبره عاد الشعور بالبرد الى حذيفة، فغطاه الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعباءة التى كان يصلى فيها، ثم نام حذيفة حتى الصباح، فلما أصبح قال له الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "قُمْ يَا نَوْمَانُ"

 

قال أبو سفيان: ارتحلوا اني مرتحل

   

باعلان "أبو سفيان" انسحابه، انسحبت "قريش" ثم انسحبت "غطفان" وشاهد الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون الأحزاب وهم ينسحبون، واستمر انسحابهم طوال اليوم من الفجر حتى بعد صلاة العصر

يقول تعالى ((وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا))

ووقف الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال كلمته الشهيرة

-        الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ

وقد تحقق ذلك بالفعل، فقد كانت هذه هي آخر محاولة للعرب لغزو المدينة، ولم يكن ذلك القول معجزة للنبي -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكن كانت نظرة سياسية صائبة تمامًا لأن كل العرب قد اجتمعوا لحرب المسلمين وفشلوا فشلًا ذريعًا، ولذلك فلابد أنهم لن يكرروا هذه المحاولة الفاشلة مرة أخري

 

شاهد المسلمون الأحزاب وهم ينسحبون

حققت غزوة الأحزاب فوائد عظيمة منها

-        كشفت الغزوة مرة أخري وميزت بين المؤمنين الصادقين، وبين المنافقين

-        كشفت حقيقة وحقد بنى قريظة

-        رفعت جدًا من هيبة المسلمين وكرست الوضع الإقليمي الجديد وهو أن المسلمين أصبحوا هم القوة الأولى في الجزيرة، لدرجة أن كل العرب قد تجمعوا عليهم ولم ينجحوا

-        تأكد أمام المسلمين وأمام قريش وكل العرب أن قريش هي الطرف الأضعف في مقابلة المسلمين، لدرجة أنها استعانت بكل حلفائها وبكل العرب ولم تنجح في هزيمة المسلمين

وبعد هذا الشهر الصعب جدًا من الحصار والقتال، لم يمهل الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلمين حتى يرتاحوا، لأن الراحة في الجنة أما الدنيا فهي دار عمل، فأمر الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلمين بأن يتوجهوا فورًا لحرب يهود "بنى قريظة" يقول الرسول -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

-        لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ

 ما الذي حدث هذا سيكون حديثنا في الفصل القادم ان شاء الله تعالى

انتهي الجزء الحادس عشر

ويلية الجزء الثاني عشر بعنوان: الأحداث من الأحزاب حتى الحديبية

 

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************