Untitled Document

عدد المشاهدات : 4271

الفصل الثاني والتسعون بعد المائة: ملحمة خيبر- الجزء الثاني- سقوط حصن "الناعم" وقتل البطل اليهودي مَرْحَب

 أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

الجُزْءُ الخامس عشر: ملحمة "خيبر"
الفصل الثاني والتسعون بعد المائة
*********************************
ملحمة خيبر- الجزء الثاني
سقوط حصن "الناعم" 
وقتل البطل اليهودي "مَرْحَب"
*********************************

*********************************
خرج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  لغزو خيبر في شهر "محرم" من السنة السابعة من الهجرة
وخيبر مدينة تقع على بعد 165 كم شمال المدينة، وكلمة "خيبر" في لغة اليهود تعنى "الحصن" لأن "خيبر" مدينة حصينة جدًا تتكون من عدد من الحصون 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حصون خيبر
وكانت "خيبر" مقسمة الى ثلاثة مناطق بها ثمانية حصون:
أولًا: منطقة "النَّطَاة" وبها ثلاثة حصون وهي:
- حصن ناعم
- حصن الصعب بن معاذ
- حصن قلعة الزبير
ثانيًا: منطقة "الشَّق" وبها حصنين:
- حصن أبي
- حصن النِّزَار
ثالثًا: منطقة "الكتيبة"
- حصن القمُوص
- حصن الوَطِيح
- حصن السُّلالم 
وكانت هذه الحصون مصممة بحيث اذا حدث اقتحام لحصن فانهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة الى الحصن الذي يليه 
وفي خيبر حصون وقلاع أخري ولكنها كانت صغيرة، وسقطت بعد ذلك بلا قتال

حصون خيبر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مشكلة المسلمين في التعامل مع حصون خيبر
ولذلك كانت مشكلة "خيبر" ليس فقط تفوق اليهود في العدد والعدة، لأن اليهود عددهم عشرة آلاف مقاتل، في مقابل 1400 من المسلمين فقط، ولكن المشكلة الرئيسية هي هذه الحصون لسببين:
- أن العرب لم تكن تعرف كيف تتعامل في الحرب مع الحصون، وكانت كل حروبهم تعتمد على المواجهة وعلى الكر والفر
- أن المسلمين لم يكونوا في مواجهة حصن واحد، ولكن مجموعة كبيرة من الحصون، وهي ثمانية حصون كبيرة –كما ذكرنا- وهي مصممة بحيث اذا حدث اقتحام لحصن فانهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة الى الحصن الذي يليه، ومعنى هذا أن المسلمين اذا نجحوا في اقتحام حصن فسيلجأ من في هذا الحصن الى حصن آخر وهكذا، فكأنهم يدخلون في عدة حروب وليست حربًا واحدة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بدأ القتال
وصل المسلمون الى "خيبر" في الليل، وعسكر الجيش في مكان اسمه "المنزلة" في منطقة  "النَّطَاة" 
وفي الصباح خرج اليهود من الحصن الى مزارعهم وهم يحملون أدوات الزراعة، وهم لا يدرون بالمسلمين، فلما رأوا الجيش صاحوا في فزع: 
- مُحَمَّدٌ وَالْجَيْشُ مَعَهُ، مُحَمَّدٌ والخميس
والخميس هو الجيش، وقد كان العرب يطلقون على "الجيش" الخميس لأنه خمسة أقسام: مقدمة وميمينة وميسرة وقلب وساقة  
ثم عادوا مسرعين الى حصونهم، وصاح الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صيحة سمعها الجيش كله، وسمعها اليهود:
- اللَّهُ أَكْبَرُ! اللَّهُ أَكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ
وبدأ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمهاجمة حصن "ناعم" وكان يعتبر خط الدفاع الأول لمكانه الإستراتيجي، وكان من أقوي الحصون
وتحصن اليهود داخل الحصن، وأخذوا في رمي المسلمين بالسهام وبالحجارة من فوق الحصن

رأي اليهود الجيش ففزعوا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تغيير مكان معسكر المسلمين
وكان المسلمون –كما ذكرنا- في منطقة اسمها المنزلة، وكانت "المنزلة" منخفضة قليلًا عن الأرض، فكان اليهود اذا القوا الحجارة الضخمة من داخل الحصن تتدحرج حتى تصل الى جيش المسلمين وتصيبهم 
فجاء الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الحُبَاب بن المُنْذِر" وقال له:
- يا رسول الله ان هذا المنزل قريب من حصونهم، وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا، وسهامنا لا تصل إليهم، وهو مكان غائر وأرض وخيمة بين النخلات، وقد يتسلل اليهود من بين النخلات، ولو أمرت بمكان خالٍ عن هذه المفاسد نتخذه معسكرًا
فقال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ
وهو نفس الموقف الذي قام به "الحُبَاب بن المُنْذِر" في غزوة بدر عندما أشار على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتغيير مكان معسكر المسلمين وكان ذلك من أسباب الإنتصار في بدر، وكأن "الحُبَاب بن المُنْذِر" يتمتع بهذه الموهبة في النظرة الإستراتيجية لجغرافية أرض المعركة
ولكن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:
- اذا أمسينا تحولنا
فلم يكن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يريد أن يغير من مكانه أمام اليهود، حتى لا يعتبر اليهود ذلك انتصارًا على المسلمين فترتفع معنوياتهم
فلما جاء الليل غير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكان معسكر المسلمين، من "المنزلة" الى مكان اسمه "وادي الرجيع"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قصة الراعى "أسلم"
من المواقف التى وقعت أثناء الحصار، أن راعي أسود اسمه "أسلم" كان أجيرًا عند "ياسر" أخو "مرحب" قائد اليهود الشهير قد خرج ومعه غنم له حتى أَتَى  رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثم َقَال: 
- يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ
فَعَرَّضَهُ عَلَيْهِ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَحْقِرُ أَحَدًا أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ، وَيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ- فَأَسْلَمَ هذا الراعي الأسود، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: 
- يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أَجِيرًا لِصَاحِبِ هَذِهِ الْغَنَمِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا ؟ 
قَالَ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  : 
- اضْرِبْ فِي وُجُوهِهَا، فَإِنَّهَا سَتَرْجِعُ إلَى رَبِّهَا
فَأَخَذَ الراعي حَفْنَةً مِنْ الْحَصَى، فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهَا، وَقَالَ: 
- ارْجِعِي إلَى صَاحِبِكَ
يقول الراوي فَخَرَجَتْ كَأَنَّ سَائِقًا يَسُوقُهَا حَتَّى دَخَلَتْ الْحِصْنَ .
ثُمَّ تَقَدَّمَ هذا الراعي إلَى الْحِصْنِ لِيُقَاتِلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ، فمات شهيدًا وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً قَطُّ؛ فَأُتِيَ بِهِ الى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأَعَرَضَ عَنْهُ، فَقَالُوا : 
- يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ أَعَرَضْتُ عَنْهُ ؟ 
قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  :
- إنَّ مَعَهُ الْآنَ زَوْجَتَيْهِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ 
وقد روي أَنَّ الشَّهِيدَ إذَا مَا أُصِيبَ تَدَلَّتْ لَهُ زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، تَنْفُضَانِ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ ، وَتَقُولَانِ: 
- تَرَّبَ اللَّهُ وَجْهَ مَنْ تَرَّبَكَ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَكَ 

أَخَذَ الراعي "أسلم" حَفْنَةً مِنْ الْحَصَى، ورَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهَا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
استشهاد "محمود بن مسلمة" وجرح خمسين من المسلمين
استمرت محاولات المسلمين لفتح الحصن، وواجه المسلمون مقاومة شديدة، واستشهد أثناء المواجهات "محمود بن مسلمة" الأنصاري ألقي عليه حجر من فوق الحصن فسقط عليه ومرض ثلاثة أيام، ثم مات شهيدًا، كما جرح خمسين من الصحابة بسبب رمي السهام والحجارة من الحصن
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مبارزة "مَرْحَب" و"عامر بن الأكوع"
وفي أثناء الحصار: خرج من الحصن قائد اليهود "مَرْحَب" يطلب المبارزة كما كانت العادة في الحروب في ذلك الوقت، وكان "مَرْحَب" عملاقًا ضخم الجثة، وكان من أشد الفرسان في تاريخ العرب بصفة عامة، وكانوا يقولون أنه يغلب ألف مقاتل وحده
فخرج له "عامر بن الأكوع" وكان كذلك فارسًا قويًا معروفًا، وكان أيضًا ضخم الجثة، ودار بينهما قتال شرس وأثناء القتال كان "عامر بن الأكوع" يقاتل في حماسة، فضرب اليهودي ضربة قوية، ولكن "مَرْحَب" اتقي الضربة، وطاشت ضربة "عامر بن الأكوع" فلم تصب "مَرْحَب" وأكملت طريقها فأصاب "عامر" ركبته، وقتل نفسه بسيفه، فقال البعض: قتل نفسه، فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ
وأحدث هذا الموقف هزة في صفوف المسلمين، بينما ارتفعت جدًا الروح المعنوية عند اليهود
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
شعور المسلمون بالإحباط بسبب عدم نجاح المسلمون في فتح الحصن 
استمر قتال المسلمون اثنى عشر يومًا كاملة ولم يحقق المسلمون أي شيء، وأصيب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك اليوم بالشقيقة، وهو "الصداع النصفي" وكان ذلك يعاوده منذ ضُرِبَ على رأسه الشريفة في أحد، وكان اذا جاءه لا يستطيع أن يقوم من مكانه 
ولم يستطع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  أن يخرج للقتال في اليوم التالي، وهو اليوم الثالث عشر من حصار حصن "ناعم"، فأعطي الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الراية الى "أبي بكر" الصديق، وقاد "أبو بكر" المسلمون في هجوم على الحصن، واستمر القتال الى الليل، حتى جهد المسلمون، ولم ينجح "أبو بكر" في فتح الحصن
وفي اليوم التالي أعطي الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الراية الى "عمر بن الخطاب"، وقاد المسلمون في هجوم آخر على الحصن، واستمر القتال الى الليل، حتى جهد المسلمون، ولم ينجح "عمر" في فتح الحصن
وأحبط المسلمون نتيجة كل ذلك، فالحصار استمر فترة طويلة ولم يحققوا أي شيء، بل على العكس استشهد ثلاثة من المسلمون، وجرح خمسون، حتى المبارزة الفردية انهزموا فيها، وهذا هو الحصن الأول ولازالت أمامهم حصون كثيرة 

أصيب المسلمون بالإحباط
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعيد للمسلمين الروح المعنوية
وشعر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأزمة النفسية التى فيها المسلمون، وأراد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يعيد للمسلمين روحهم المعنوية المرتفعة التى كانوا عليها وهم في طريقهم الى خيبر، فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا  يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ويُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ  
فبات الناس ليلتهم كلهم يرجو أن يحمل الراية، يقول عمر "لم أتمنى الإمارة الا هذا اليوم" ويقول بريدة: "حتى تطاولت لعله يعطيها لي" فما كان الغد، وقف المسلمون يصلون الفجر خلف الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول أحد الصحابة: "فكنا نتقاتل على الصف الأول"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اعطاء الراية الى "على بن أبي طالب"
فلما انصرف الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الصلاة واستعد الجيش، والعيون والآذان والقلوب معلقة تنتظر من الذي سيعطيه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الراية، قال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- أين على ؟
فقالوا 
- يا رسول الله يشتكي عينيه
وكان "على" قد اصيب بالرمد في عينيه، حتى أنه لم يخرج مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى "خيبر" ثم قال على: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَخَرَجَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قال الصحابة للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن على يشتكي عينيه، قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسلوا اليه، فجاء علي فتفل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في عين "على" ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به أي مرض في عينيه، يقول "على" 
- فما رمدت بعد ذلك
ومن خصوصيات الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ريقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علاج ودواء
ثم دفع الراية الى على وقال له:
- امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ 
كان عمر "على" في ذلك الوقت 29 عامًا، فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا، ثم أراد أن يسأل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا، ولكنه تذكر أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره ألا يلتفت، فعاد بفرسه بظهره، حتى وصل الى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال:
- يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ ؟ 
فَقَالَ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : 
- قَاتِلْهُمْ عَلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، فَقَدْ عَصَمُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الرد على الشبهة في وصية الرسول لعلى بن ابي طالب
وهذا الموقف يتخذه بعض أعداء الإسلام مطعنًا، ويقولون أن نص كلام الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعنى أن المسلم يقاتل الناس ليجبرهم على الدخول في الإسلام، وهذا غير صحيح لأن غزوة "خيبر" كان سببها –كما ذكرنا- أن "خيبر" أصبحت مركزًا للتآمر، ومركزًا لضرب الإسلام وهم الذين حزبوا الأحزاب، وحاولوا اغتيال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكثر من مرة، فالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يحاربهم ليدخلوا في الإسلام، وانما حاربهم لهذه الأسباب، ومع ذلك يعطيهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الفرصة الأخيرة اذا دخلوا في الإسلام فعفا الله عما سلف، ونبدأ صفحة جديدة، وهذا هو قمة الرحمة 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حمل "على بن أبي طالب" الراية وانطلق كالسهم، والمسلمون خلفه، فكان اول من وصل من المسلمين الى الحصن وغرس الراية في أصل الحصن

انطلق "على بن أبي طالب" كالسهم، والمسلمون خلفه
واطلع يهودي من أعلى الحصن وقال: 
- من أنت ؟ 
فقال 
- أنا على بن أبي طالب
فقال اليهودي: 
- غُلِبْتم أو عَلَوْتُمْ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى
فكأن هذا اليهودي تشائم من اسم على أن ذلك يعنى علو المسلمين عليهم

قال اليهودي "من أنت" فقال "أنا على بن أبي طالب" 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قتل البطل اليهودي الشهير "مَرْحَب"
وبدأ هجوم المسلمين، وخرج البطل اليهودي "مَرْحَب" الذي قتل "عامر بن الأكوع" ودعا الى المبارزة، وخرج اليه "على بن أبي طالب"

خرج "مَرْحَب" ودعا الى المبارزة، وخرج اليه "على بن أبي طالب"

 ودار بينهما قتال عنيف وشرس، وانتهي اللقاء بأن قتل "على" "مَرْحَب" وأصيب اليهود بالرعب لأن هذا الرجل كان أقوي رجل في اليهود، وكان من أشد الفرسان في تاريخ العرب عامة، ولم يكن اليهود يتخيلون أبدًا أن يقتله أحد من المسلمين

قتل "على" "مَرْحَب" وأصيب اليهود بالرعب 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قتل البطل اليهودي "ياسر"
وخرج أخو "مَرْحَب" يريد الثأر لأخيه وكان اسمه "ياسر" وكان فارسُا عملاقًا ضخم الجثة مثل أخيه، وكان من أبطال اليهود مثل أخيه، فكانوا أربعة أخوة معرفون بالقوة وهم: مرحب وياسر وعامر والحارث 
ودعا "ياسر" للمبارزة، فخرج اليه "الزبير بن العوام" ابن عمة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان عمر الزبير 35 عامًا، وكان نحيفًا طويل القامة، فلما خرج الزبير قالت أمه السيدة "صَفِيَّةُ" عمة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- أَيُقْتَلُ ابْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ 
قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: 
- بَلِ ابْنُكِ يَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وبدأ قتال شرس بين البطل اليهودي "ياسر" وبين "الزبير بن العوام" وانتهي القتال بأن قتل "الزبير" البطل اليهودي "ياسر" 

قتل "الزبير" البطل اليهودي "ياسر"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قتال شرس وسقوط الحصن
وأصيب اليهود بالرعب، واستطاع المسلمون أن يخلعوا باب الحصن، ودار قتال مرير حول الحصن، وسقط بعض أشراف اليهود وابطالهم في القتال، حتى انهارت مقاومة اليهود، وأخذوا يتسللون من الحصن هربًا الى الحصن الذي يليه، وهو حصن "الصعب بن معاذ"  وكانت الحصون مبنية بطريقة أن يؤدي كل منها الى الآخر، واقتحم المسلمون حصن الناعم
ومن المواقف التى حدثت أثناء القتال، أن رجلًا من اليهود ضرب "على بن ابي طالب" فاتقاه "على" بترسه، فسقط ترسه من يده، فتناول "على" باب الحصن فترس به نفسه ولم يزل بيده حتى تم النصر للمسلمين 
يقول "سلمة بن الأكوع" 
- فلقد رأيتني في سبعة نفر نجتهد أن نقلب ذلك الباب فما نقدر أن نقلبه

باب حصن خيبر

تناول "على" باب الحصن فترس به نفسه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هكذا تم فتح أول الحصون وهو حصن "ناعم" وانتقل اليهود الى الحصن الذي يليه، وهو حصن "الصعب بن معاذ"
نستكمل في الفصل القادم –ان شاء الله- حديثنا عن ملحمة "خيبر"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************