Untitled Document

عدد المشاهدات : 2580

الفصل الثاني: حكم وتدبر الإستعاذة - تدبر القُرْآن العَظِيم
 
تدبر القُرْآن العَظِيم

 الحلقة الثانية

  حكم وتدبر الإستعاذة

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 


 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 أما بعد،،،

الإستعاذة هي قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" 
وهي ليست من القرآن
حكم الإستعاذة قبل قراءة القرآن العظيم
يقول تعالى في سورة النحل ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾
ذهب بعض العلماء الى أن الأمر بالإستعاذة قبل قراءة القرآن العظيم على سبيل الإستحباب، وذهب البعض الآخر الى أن الأمر بالإستعاذة قبل قراءة القرآن العظيم واجبة
ومعنى المستحب أو المندوب أو السنة –كل هذه مترادفات- أن يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه
 أما الواجب هو أن يثاب فاعله ويعاقب تاركه
وعلى هذا فان الإستعاذة قبل قراءة القرآن اما مستحبة أي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، أو واجبة أي يثاب فاعلها ويعاقب تاركها
ونحن نميل الى الرأي الأول، لأننا لو تصورنا اثنين: أحدهما قرأ القرآن ولم يستعذ من الشيطان، والآخر لم يقرأ القرآن، فمعنى هذا أن الذي قرأ القرآن سيعاقب ومن لم يقرأ القرآن لا شيء عليه، وهذا غير منطقي
 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

متى نجهر بالإستعاذة ومتى نخفيها ؟
اذا كنت في الصلاة تخفي الإستعاذة سواء كنت امامًا أو مؤمومًا وسواء كانت الصلاة جهرية أو سرية
اذا كنت في مقرأة وكنت أنت المبتديء بالقراءة تجهر بالإستعاذة، واذا لم تكن المبتديء بالقراءة تخفي الإستعاذة
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 شرح مفردات الإستعاذة

أعوذ: ألتجئ وأعتصم وأتحَصَّن وأستجير وأحتمي
تقول العرب: عذت بفلان أي لجأت اليه
وفلان عياذي يعنى فلان ملجئي
يقول تعالى في سورة "غافر" ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ * وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ))
وكذلك قوله تعالى
((وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ))
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 بالله: الله هو أصل الأسماء الحسنى وأعظمها

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

الشيطان: هو ابليس وأتباعه من كفار الجن
والشيطان من شّطّنَ أي بعدَ
تقول العرب: شطنت داره أي بعدت، وبئر شطون يعنى بعيد قعره، والشطن الحبل لبعد طرفيه
فسمى الشيطان شيطانًا لشطنه أي بعده عن الحق وتمرده
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

الرجيم هو وصف للشيطان، وقد وصف بهذا لأنه مطرود من رحمة الله
وسمي رجيم لأن أتى ابراهيم –عليه السلام- في منى يستعطفه حتى لا يذبح ولده فرجمه ابراهيم، ثم أتي هاجر فرجمته، ثم أتي اسماعيل فرجمه، وأصبح رجم ابليس من مناسك الحج
ولأنه يسترق السمع في السماء فترجمه الملائكة
ولأن أتباعه يرجمونه في النار

 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

وعندما تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فأنت في موقف القوي لأنك التحمت بالله تعالى
هب أن هناك طفل صغير مع والده، ثم شرد عن والده وضربه بعض الصبية، فجري الى والده وجري خلفه الصبيان، فلما لجأ الى والده وأمسك بيده عاد الصبية وعدلوا عن مطاردته
لماذا ؟ لأن هناك قوة جديدة جعلت موازين القوي في صالح هذا الطفل الصغير، مع أنه أصغر منهم وأضعف منهم
ولله المثل الأعلى عندما تستعيذ بالله، فان موازين القوي تصبح في صالحك، لأنك التحمت بالله تعالى 
 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 لذلك عندما خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأة اسمها "أميمة بنت النعمان" وقيل اسمها "أسماء" وكانت ذات جمال وحسب، فغارت نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلن لها اذا دخل عليك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقولى: أعوذ بالله منك، فانه يحب ذلك، فلما دخل عليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقد عذت بمعاذ، يعنى لجئتى لمن هو قادر على حمايتك، ثم قال: الحقي بأهلك 


 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 من فوائد الإستعاذة أنها تذهب الغضب، لأن الغضب من الشيطان

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ: تَسَابَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا حَتَّى تَمَزَّعَ أَنْفُهُ مِنَ الْغَضَبِ، -يعنى غضب غضبا شديدًا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ غَضَبُهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ".

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

كل انسان أنت مأمور أن تحسن اليه مهما أساء اليك، يقول تعالى ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)) لماذا ؟ لأن كل انسان فيه جانب الخير وجانب الشر، فحين تحسن اليه تستثير جانب الخير في نفسه حتى يتغلب على جانب الشر
أما الشيطان فليس فيه جانب للخير، وهو يبغضك الى النهاية، ولو تصورنا جدلًا أنك قد أحسنت اليه، فلن يشفع ذلك لك عنده، ولن يستثير فيه أي جوانب للخير، لأنه ليس فيه خير، ولن يقابل هذا الإحسان الا بالإساءة
ولذلك فان الله تعالى ينبهنا الى هذه القضية الهامة عن طريق الأمر بالإستعاذة
وهذه القضية أنه لي هناك حلول وسط مع الشيطان، وليس هناك سبيل للتعامل مع الشيطان سوى أن تكون في مواجهة دائمة مع الشيطان، ومجاهدة دائمة معه، وأن تتخذه عدوًا، يقول تعالى ((نَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ))
فالشيطان أعلن عداوته لبنى آدم منذ خلق آدم، وقال (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) وقال (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا) وقال (فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (وقال ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ))
اذن الشيطان أعلن عداوته منذ خلق آدم، وكان واضحًا في اعلانعداوته، بل أكدها أكثر من مرة، ولكن المشكلة أن تتخذه أنت عدوًا، هو لك عدو فاتخذه أنت عدوًا

 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

حِكْمَة الإستعاذة قبل قراءة القرآن العظيم
أكثر موضعين يوسوس فيهما الشيطان هما عند الصلاة وعند قراءة القرآن، لأنك عند الصلاة تتحدث الى الله وتناجيه، وعند قراءة القرآن يتحدث اليك الله تعالى، فأعلى درجات القرب بين الرب وعبده تكون عند الصلاة وعند قراءة القرآن، وهذا أكثر ما يغيظ الشيطان، ولذلك ينشط في وسوسته في هاتين العبادتين
وعندما تتحدث الى الله، أو يتحدث اليك الله، فهذا أكثر ما يهدد الشيطان في تحقيق هدفه وغايته التى وقف حياته عليها وهي اغواء بنى آدم ((قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))
ولذلك ينشط في وسوسته غاية النشاط حين تقرأ القرآن لأن ذلك اكثر ما يهدده في تحقيق هدفه التى وقف حياته عليها
 

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

فأمر الله تعالى بأن نستعيذ من الشيطان عند قراءة القرآن سواء كنا في صلاة أو في غير صلاة
- حتى يكون الله تعالى عونًا لنا لقهر وسوسة الشيطان 
- وحتى يتذكر القاريء للقرآن ألا يتوقف عن مجاهدة نفسه أثناء القراءة لقهر وسوسة الشيطان

 

 

لمطالعة بقية الفصول- اضغط هنا

لمشاهدة الحلقات فيديو- اضغط هنا