Untitled Document

عدد المشاهدات : 2274

الفصل الخامس: تدبر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" - تدبر القُرْآن العَظِيم
تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة  الخامسة
تدبر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بسم الله
يعنى الذي يقول هذا الكلام هو الله تعالى
وأنا أتلو هذا القرآن نيابة عن الله تعالى 
كما نقول نحن "بسم الشعب" يعنى أنا أتكلم نيابة عن الشعب 
أو "باسم القانون" يعنى القانون ينص على هذا الكلام
وهذا المعنى هو الأقرب دائمًا الى فهمنا، فنحن عندما نسمع "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فهذا يعنى أن الكلام الذي سيتلى بعده هو كلام الله تعالى
ولذلك عندما تقرأ "بسم الله" عليك أن تنتبه، لأن هذه الكلمة تنبهك الى أن هذا الكلام كلام الله تعالى 
ولولا استتار كنه جلالة كلامه بكسوة الحروف، لما ثبت لسماع الكلام عرش ولا ثري، ولتلاشي ما بينهما من عظمة سلطانه وسبحات نوره

عندما تقرأ "بسم الله" عليك أن تنتبه، لأن هذه الكلمة تنبهك الى أن هذا الكلام كلام الله
 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 في الشركات الكبيرة تقوم سكرتيرة رئيس مجلس الإدارة بارسال ميل الى الموظفين، وتبدأ الميل بعبارة 

On the behalf of MR…... 
يعنى الكلام الذي في هذا الميل نيابة عن السيد فلان رئيس مجلس الإدارة، فكل العاملين الذي تصلهم الرسالة ينتبهوه ويقرؤن الرسالة بعناية، لأنها ليس من السكرتيرة في الواقع، بل هي من رئيس مجلس الإدارة وهي فقط ناقلة لهذه الرسالة
وعندما بدأ الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ على قريش القرآن العظيم، بدأ بقوله   "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" يعنى الذي يتحدث هو الله تعالى، وأنا أقول لكم هذا الكلام نيابة عن الله تعالى، وأنا مجرد ناقل لهذا الكلام
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 ولذلك عندما تلقى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من جبريل أول كلمة في الوحي وهي "اقرأ" وقال "ما أنا بقاريء" جاء الجواب في قوله تعالى "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" يعنى لست أنت الذي ستقرأ، ولكنك ستتحدث باسم الله تعالى، وستنقل كلام الله تعالى  

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 ونحن مأمورن بالبسملة أيضًا قبل أي عمل

يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ" - أَوْ قَالَ : "أَقْطَعُ"
فندب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  إِلَى ذِكْرِ الْبَسْمَلَةِ قبل الأكل وَالشُّرْبِ وَالنَّحرِ; وَالْجِمَاعِ وَالطَّهَارَةِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَفْعَالِ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" : فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ." وَقَالَ تعالى "ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرِيهَا وَمُرْسَاهَا . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَرَادَ أَحَدَكُمْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ يقول : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ  . 
ومعنى "بسم الله" في بداية أي عمل يعنى بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَبَرَكَتِهِ
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 اذن عندما نقرأ البسملة في أول القراءة فانها تحمل المعنين

- المعنى الأول: أن هذا الكلام هو كلام الله تعالى
- المعنى الثاني: يعنى أقرأ بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَبَرَكَتِهِ
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 الله

اسم الله دال على الذات الجامعة لكل صفات الألوهية
أما سائر الأسماء فلا يدل كل منها الا على أحد المعاني
لذلك فهو أعظم أسماء الله تعالى
حتى أن بعض أهل العلم ذهبوا الى أنه اسم الله الأعظم الذي اذا دعي به أجاب
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 الرحمن الرحيم

الإسمان مشتقان من الرحمة، والإسمان صيغة مبالغة من الرحمة
وقد وصف الله تعالى نفسه في القرآن العظيم بأنه هو أرحم الراحمين، قال تعالى ((ربِّ إنِي قَدْ مَسَنِي الضُر وأَنتَ أَرْحَمَ الرَاحِمِينْ))
لماذا الله هو أَرْحَمَ الرَاحِمِينْ ؟
- رحمة الله تعالى تشمل المستحق وغير المستحق، فعطاء الله تعالى للمطيع والعاصيى، والمؤمن والكافر، والمشرك وغير المشرك، فالمشرك والكافر لا يستحق عطاء الله تعالى
- رحمته تعالى تعم الدنيا والآخرة
- أن رحمته تعالى تقضى حاجة المحتاج ، مثال أن هناك طفل صغير في حاجة الى الحجامة، فقد ترق له أمه فتمنعه من الحجامة، وقد يحمله الأب على الحجامة قهرًا، فالجاهل يري أن الرحيم بالطفل هي الأم وليس الأب، بينما العاقل يقول أن الأب أكمل رحمة من الأم، وكذلك الله تعالى رحمته تقضى حاجة المحتاج، لعلمه الكامل بما فيه مصلحة عباده
- أن رحمة العباد بالعباد قد تكون كلها أو جزء منها طلبًا للثواب في الآخرة، أو الثناء من العباد في الدنيا، والله تعالى ليس في حاجة الى هذا أو ذاك
- أن رحمة العباد بالعباد لا يخلو جزء منها من أجل الإستراحة من ألم النفس، فمن الممكن أن يري أحد شخص جائع فيتألم لجوعه، فيرحمه ويعطيه طعام حتى يرتاح من ألم نفسه، فيكون بهذا قد حقق مصلحة لنفسه، وهذا ينقص من معنى كمال الرحمة، أما الله تعالى فهو منزه عن الألم، ولذلك فان رحمته كاملة لأن كمال الرحمة أن يكون النظر الى المرحوم لأجل المرحوم لا لأجل الإستراحة من الألم النفسي
 

- ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 لماذا قال تعالى "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ؟

لماذا لم يقل "بِسْمِ اللَّهِ الملك القدوس" ؟ أو "بِسْمِ اللَّهِ العزيز الحكيم" ؟ أو أي اسمين آخرين من أسمائه الحسنى ؟
اذا أردت أن تصف أي شخص فأنت تبدأ بأبرز صفة في هذا الشخص، فاذا سألك أحدهم ما رأيك في سعيد ؟ ستقول له سعيد شخص كريم، لأن ابرز صفة في "سعيد" هوالكرم، أو قال لك ما رأيك في محمود ؟ محمود شجاع، أو مخلص أو مؤدب أو هاديء أو أي صفة، المهم أنك ستذكر أبرز صفة في هذا الشخص.
واذ قلت أن سعيد كريم وشجاع، فمعنى هذا أن أبرز صفة في سعيد هي الكرم، وثاني أبرز صفة هي الشجاعة
فعندما يقول تعالى "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فمعنى هذا أن أبرز صفة في الله تعالى هي الرحمة، وثاني أبرز صفة هي الرحمة أيضًا
انظر الى التأكيد على هذه الصفة !
وهذا مثل الحديث الذي نعرفه جميعًا
روي البخاري أن أبو هُرَيْرَةَ  قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 والحديث عن رحمة الله تعالى حديث طويل وقد ورد في الصحيح أن الله تعالى عندما خلق الرحمة خلقها من مائة جزء، أنزل منها رحمة واحدة، يتراحم بها ويتعاطف بها الجن والإنس والدواب فيما بينهم، وأمسك الله عنده تسعًا وتسعين رحمة، فاذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة، حتى ان الشيطان يوم القيامة يتطاول يظن أن رحمة الله ستسعه في ذلك اليوم

  ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 ما الفرق بين الرحمن والرحيم

كلا الإسمين مشتقين من الرحمة بصيغة المبالغة 
ولكن الرحمن تدل على رحمة الله تعالى بالمؤمن وغير المؤمن في الدنيا
أما الرحيم فهي تدل على رحمة خاصة بالمؤمنين يوم القيامة، ولذلك قال تعالى "وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما"
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 نبدأ في الحلقة القادمة تفسير سورة الفاتحة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 *********************************