Untitled Document

عدد المشاهدات : 1621

الحلقة (88) من تدبر القُرْآن العَظِيم تدبر الآيات من (139) الى (141) من سورة البقرة قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِ

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة الثامنة والثمانون
تدبر الآيات من (139) الى (141) من سورة البقرة
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)
(قُلْ) اي قل يا محمد لليهود والنصاري
(أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ) أتجادلوننا في شأن الله
المحاجة تعنى الحوار بالحجة، أي أن كل متحاور يأتي بالحجة التى تؤيد كلامه، وتبطل حجة صاحبه
فمعنى (أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ) يعنى أتجادلوننا في شأن الله، وتقولون أنكم الأقرب الى الله، وتزعمون أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى
(وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ) يعنى ليس أحد منا أولى بالله من الآخر، لأنه تعالى (رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ) وعطاء الربوبية عام لكل الناس 
(وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ) نحن لَنَا أَعْمَالُنَا التى سنحاسب عليها، وأنتم لَكُمْ أَعْمَالُكُمْ التى ستحاسبون عليها، والعمل وحده هو الذي يقرب لله تعالى، وليس كما تزعمون أنكم أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وأن آبائكم الأنبياء سيشفعون لكم 
(وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) ونحن مخلصون في أعمالنا، والْإِخْلَاصُ هو رُوحُ الْأَعْمَالِ، فنحن الأقرب الى الله باخلاصنا في أعمالنا
يقول الإمام "محمد عبده" في "المنار" وَحَاصِلُ مَعْنَى الْآيَةِ: إِبْطَالُ مَعْنَى شُبْهَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَنْجُو مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَتِهِمْ، وَإِنْ أَحْسَنَ فِي عَمَلِهِ وَأَخْلَصَ فِي قَصْدِهِ، وَأَنَّهُمْ هُمُ النَّاجُونَ الْفَائِزُونَ وَإِنْ أَسَاءُوا عَمَلًا وَنِيَّةً؛ لِأَنَّ أَنْبِيَاءَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُنْجُونَهُمْ وَيُخَلِّصُونَهُمْ بِجَاهِهِمْ، فَالْفَوْزُ عِنْدَهُمْ بِعَمَلِ سَلَفِهِمْ لَا بِصَلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَلَا أَعْمَالِهِمْ، وَهَذَا الِاعْتِقَادُ هَدْمٌ لِدِينِ اللهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ جَمِيعَ أَنْبِيَائِهِ  
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)
يستكمل الله تعالى الحجة التى يسوقها للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمواجهة اليهود والنصاري، فيقول تعالى  (أَمْ تَقُولُونَ) يعنى قل لهم يا محمد (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى) هل تستطيعون أن تدعوا ذلك، وقد جائت اليهودية والنصرانية بعدهم بزمان طويل
وذلك كما قال تعالى في سورة "آل عمران" ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) 
(قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) قل لهم يا محمد من أعلم بدين هؤلاء الأنبياء، أنتم أم الله ؟ وقد أخبرنا الله تعالى أن الأنبياء كلهم دينهم الإسلام
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) أي ليس هناك أحد أكثر ظلمًا ممن يكتم شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ، وهي الشهادة بأن هؤلاء كانوا على الإسلام 
(وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ من كتمانكم الحق بأن جميع هؤلاء الأنبياء كانوا على الإسلام، وان اختلفت الشرائع بحسب الزمان الذي بعث فيه هذا النبي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)
هي نفس الآية (134)
(تِلْكَ أُمَّةٌ) الأمة هم الجماعة من الناس، وهم هنا: ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب وبنيه
(قَدْ خَلَتْ) أي  مَضَتْ وَذَهَبَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ
(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ) من خير وشر وحسنات وسيئات
(وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يعنى لن تحاسبوا يوم القيامة على أعمالهم
لماذا تكررت الآية ؟ لأن آفة اليهود أنهم يربطون مصيرهم بأعمال أسلافهم 
فهم أولًا يعتقدون أنهم آبناء الله وأحباءه، وأن آبائهم الأنبياء لن يتركوهم في النار يعذبون وسيشفعون لهم
ثم يعتقدون أنهم سيعذبون في النار أربعين يومًا بسبب لأن أسلافهم عبدوا العجل أربعين يومًا
فيقول لهم الله تعالى أن آبائهم وأجدادهم لهم أعمالهم، ولكم أعمالكم وسيحاسب كل فريق على عمله
فلن تثابوا على أعمال أعمال أجدادكم الحسنة، ولن تعاقبوا على سيئاتهم 
والعجيب أن القضية الوحيدة التى نقلها لنا القرآن العظيم من صحف ابراهيم وموسى هي هذه القضية 
يقول تعالى في سورة النجم (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ)
انتهي تفسير الجزء الأول من القرآن العظيم
ويليه تفسير الجزء الثاني ان شاء الله تعالى