Untitled Document

عدد المشاهدات : 1180

الحلقة (124) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (209) من سورة البقرة، قول الله تعالى: فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209

  تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة الأولى
تدبر الآية (209) من سورة البقرة
********
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)
********

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ) وقرأت (فَإِنْ زَلِلْتُمْ) أي فَإِنْ ضَلَلْتُمْ‏‏، وانحرفتم عن طريق الْحَقَّ
وأصل الزلل من الزلق والسقوط، فالآية تعطيك صورة حية لمن يرتكب المعصية بأنه يزلق ويسقط 
(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ) يعنى مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ حُجَجِي، وجائكم الْقُرْآنُ‏‏ العظيم، وجائكم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
العزيز هو الغالب القوي الذي لا يقهر، ولذلك فهو تعالى غالب عليكم وقادر على عقابكم والانتقام منكم
والحكيم هو الذي يضع كل شيء في موضعه، ولذلك فهو حين يعاقبكم فلن يعاقبكم بظلم وانما سيعاقبكم بحق
********
 وهذا نهاية الوعيد، فهو تعالى لا يذكر العقاب، ولكن يذكر قدرته عليه، كمن يهدد واحد آخر ويقول له: أنت عارف بي وعارف بقدرتي عليك، وكأنه يترك له تخيل العقاب الذي سيحل عليه
********
ورُوي أن قارئاً قرأ (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غفور رحيم) فسمعه أعرابي لم يقرأ القرآن فقال له: ليس هذا من كلام الله ! فقال له: كيف ؟ قال الأعرابي: الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل والعصيان لأنه إغراء عليه
ثم مر بهما رجل، فقال الأعرابي: كيف تقرأ هذه الآية؟، فقرأ الرجل: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، فقال الأعرابي: هكذا ينبغي. .
********

كثيرًا ما يقترن اسم العزيز بالحكيم، فاسم الله العزيز ورد في القرآن (82) مرة، واقترن باسم العزيز (42) مرة
العزيز: هو الغالب القوي الذي لا يقهر
والحكيم: هو الذي يضع كل شيء في موضعه
فلماذا يقترن غالبًا اسم العزيز بالحكيم ؟ 
تخيل معي لاعب شطرنج يحرك القطع كيفما شاء، وهذه القطع الجمادات لا تستطيع أن تفعل شيء أمام قوة الانسان المحركة
ولله المثل الأعلى، نحن بين يدي الله تعالى كقطع الشطرنج، مهما كان الانسان قويًا لا يستطيع أن يواجه قدر الله تعالى، وهذا هو اسم الله العزيز
ثم يأتي اسم الله الحكيم، كأنه يقول لك اطمئن، فالله تعالى لا يضع أي شيء الا في موضعه
وحتى تشعر بفضل اسم الله الحكيم مع اسمه العزيز، تخيل لو كان الله تعالى عزيزًا لا يقهر، ولم يكن حكيمًا، كيف سيكون حالك ؟ و كيف سيكون حال العالم ؟ وكيف سيكون حال هذا الكون الذي نعيش فيه ؟
كانت الحياة ستكون عذابًا مستمرًا، وكان العالم الذي نعيش فيه سيكون جحيمًا
فالحمد لله تعالى على اسمه العزيز، والحمد لله تعالى على اسمه الحكيم.